0
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا في رحمتك في عبادك الصالحين .

إنَّ طبيعة رسالة الإسلام هي الاستقامة. فهي قائمة كحد السيف لا عوج فيها ولا انحراف، ولا التواء فيها ولا ميل. الحق فيها واضح لا غموض فيه ولا التباس. ولا يميل مع هوى ولا ينحرف مع مصلحة. يجده من يطلبه في يسر وفي دقة وفي خلوص.

وهي لاستقامتها ـ بسيطة لا تعقيد فيها ولا لف ولا دوران. لا تعقد الأمور ولا توقع في إشكالات من القضايا والتصورات والأشكال الجدلية. وإنما تصدع بالحق في أبسط صورة من صوره، وأعراها عن الشوائب والأخلاط، وأغناها عن الشرح، وتفصيص العبارات وتوليد الكلمات، والدخول بالمعاني في الدروب والمنحنيات! يمكن أن يعيش بها ومعها البادي والحاضر، والأمِّي والعالم، وساكن الكوخ وساكن العمارة؛ ويجد فيها كل حاجته؛ ويدرك منها ما تستقيم به حياته ونظامه وروابطه في يسر ولين.

وهي مستقيمة مع فطرة الكون وناموس الوجود، وطبيعة الأشياء والأحياء حول الإنسان، فلا تصدم طبائع الأشياء، ولا تكلف الإنسان أن يصدمها، إنما هي مستقيمة على نهجها، متناسقة معها، متعاونة كذلك مع سائر القوانين التي تحكم هذا الوجود وما فيه ومن فيه.

وهي من ثم مستقيمة على الطريق إلى الله، واصلة إليه موصلة به، لا يخشى تابعها أن يضل عن خالقه، ولا أن يلتوي عن الطريق إليه. فهو سالك درباً مستقيماً واصلاً ينتهي به إلى رضوان الخالق العظيم.


لا إله إلا الله ، وما دام قد ثبت أنه هو الإله الواحد، فما الذي يمنعك أيها الإنسان أن تخضع لمراده منك؟

إذن فقول الحق بعد ذلك: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } هو أمر منطقي جدا يجب أن ينتهي إليه العاقل، ومع ذلك رحمنا الله سبحانه وتعالى فأرسل لنا رسلا لينبهونا إلى القضية السببية، والمسببة، والمقدمة والنتيجة { إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ}.

فكل الأنبياء والرسل الذين ارسلهم الله للبشرية حملوا الإسلام وختم بهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى :
وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ َ
[البقرة132]


قال تعالى :
قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ   مُسْلِمُونَ
[البقرة136]


قال تعالى :
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا  مُسْلِمُونَ
[آل عمران52]


ولكن هل هناك اديان أخرى ؟ نعم

قال تعالى :
{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}
[الكافرون: 6]


إن معنى ذلك أن هناك دينا لغير الله فيه خضوع واستسلام، وفيه تنفيذ لأوامر، ولكن ليس دينا لله، ولا دينا من عند الله. إن الدين المعترف به عند الله هو الإسلام فقط.




ولكننا نجد بابا الفاتيكان يخرج علينا خلال زيارته لطوكيو في عام 1981 أمام حشد من الشينتويين والبوذيين (ديانتا اليابان) و يدعي أن البوذية دين سماوي ، وأضاف أنني كنائب للمسيح أعلن سروري أن الله وزع تلك العطايا الدينية بينكم .

و في عام 1986 عقد في إيطاليا اجتماعاً مشتركاً للصلاة ضمَّ تشكيلة من الديانات المختلفة في العالم بما فيها عابدي النار و عابدي الأفاعي ! وأعلن البابا في هذا الاجتماع أننا جميعاً نصلي لنفس الإله !!





الآن نسأل : حين يأتي إنسان ويقول إنه رسول من عند الله جاء ليبلغ بمنهجه .. أفنصدقه ؟ أم أننا نطالبه بإثبات ما يقول ؟
المعجزة هى خرق لنواميس الكون يعطيها الله سبحانه وتعالى لرسله ليدل على منهجه . ويثبتهم بها. ويؤكد للناس أنهم رسله تؤيدهم السماء وتنصرهم .والسماء حين تؤيد وتنصر تقف قوانين البشر عاجزة لا تستطيع أن تفعل شيئا لتبقى المعجزة معجزة إلى يوم القيامة ولا يقدر لبشر أن يقوم بها .

ولكن المعجزة تنقسم إلى جزئين :-
1) معجزة حسية
2) معجزة عقلية


نبدأ اولاً بالمعجزة الحسية .

كان لا بد أن تجيء مع كل رسول معجزة تثبت صدقه في رسالته وفى بلاغه عن الله وأن تكون المعجزة مما لا يستطيع أحد أن يأتي به ، وأن تكون مما نبغ فيه قومه .. لماذا ؟

حتى لا يقال إن الرسول قد تحدى قومه بأمر لا يعرفونه ولا موهبة لهم فيه .. فالتحدي يجب أن يكون في أمر نبغ فيه القوم حتى يكون للتحدي قيمة .. ولذلك نلاحظ في معجزة كل رسول أنها جاءت فيما نبغ فيه قومه .. وإنها جاءت لتهدم من يتخذونه إلها من دون الله.


.
معجزة إبراهيم عليه السلام :


فمثلاً معجزة إبراهيم عليه السلام جاءت في قوم يعبدون الأصنام ويسجدون لها ويقدسونها .. ولذلك عندما أرادوا إحراق إبراهيم عليه السلام جاءوا أمام آلهتهم ليلقوه في النار .. وكان المفروض أن هذه الآلهة تنتقم لنفسها ممن حطمها إذا كانت تستطيع لنفسها نفعاً أو ضراً .. ولكنهم حين ألقوا بإبراهيم عليه السلام – الذي سفَّه (عاب) معتقداتهم – في النار لم تحرقه النار .. وخذلتهم آلهتهم..

على أن اختيار النار يمكن يكون له معنى آخر .. فكم من الناس عبدوا النار في الماضي..حتى خلال هذه الفترة نجد أن بعض الناس لا يزالون يتخذوا النار إلهاً مقدساً .

ولكن معجزة إبراهيم عليه السلام ليست أن ينجو من النار .. فلو أراد الله أن ينجيه من النار ما مكنهم من إلقاء القبض عليه ، أو لنزلت الأمطار لتطفئ النار .. ولكن الله شاء أن تظل ناراً متأججة محرقة ومدمرة .. وأن يؤخذ إبراهيم عليه السلام عيانا أمام كل الناس ويُرمى في النار .. وهنا يعطل ناموس أو قانون إحراقها
قال تعالى :-
الأنبياء ..الآية 69
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ

لو أن إبراهيم عليه السلام نجا بأن هرب مثلاً .. لقالوا لو أمسكناه لأحرقناه . . ولو نزلت الأمطار لقالوا لو لم تنزل الأمطار لأحرقناه .. ولكن إبراهيم عليه السلام لم يهرب .. والأمطار لم تنزل .. والنار متأججة .. ولكنها لم تحرق إبراهيم .. فكأن آلهتهم التي كانوا يزعمون أنهم ينتقمون لها ليست آلهة كما يزعمون .. إنما هي أصنام لا تضر ولا تنفع .. وكل شئ في هذا الكون خاضع لمشيئة الله .. وإرادة الله .. عندما يقول (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا) .. تتعطل خاصية الإحراق .. وتقف قوانين الكون عاجزة أمام قدرة الله .. وتقف آلهتهم عاجزة عن أن يقول : يا نار أحرقي من حطمنا .
.


معجزة موسى عليه السلام :


أيد – الله سبحانه وتعالى – نبيه موسى عليه السلام بأكثر من معجزة ، أيده بالعصا التي تتحول إلى ثعبان كبير ، وبيده يدخلها في جيبه ثم يخرجها فإذا هي بيضاء منيرة مشرقة

بسم الله الرحمن الرحيم
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ، وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ

لماذا أيد الله – سبحانه وتعالى – موسى عليه السلام بهاتين المعجزتين؟

لأنه أرسله إلى قوم نبغوا في السحر ويتقنونه جيداً ، وهنا كان التحدي ، فقد جمع فرعون السحرة ليثبت كذب موسى عليه السلام ، ولكنه عجز ومعه أمهر السحرة في مملكته أمام المعجزة الإلهية ، وأيقن السحرة بأن موسى عليه السلام ليس ساحراُ ، وأن فعله ليس بسحر وإنما هو معجزة إلهية.

بسم الله الرحمن الرحيم
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ، قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ ، رَبِّ مُوسَى وَهَارُون

ثم تأتى معجزة انفلاق البحر لموسى عليه السلام وقومه

المعلوم أن قانون الماء هو : الاستطراق ، فلا يكون عالياً في مكان ومنخفضاً في مكان آخر، ولا بد أن يتساوى سطحه ، ولذا فإننا عندما نقيس الارتفاعات ننسبها إلى سطح البحر فنقول هذا المكان يرتفع عن سطح البحر بكذا ، هذا هو قانون الكون الذي لا يعرف البشر سواه ، ولكن ما حدث للبحر عندما ضربه موسى عليه السلام بعصاه هو خرق لقوانين الكون ، فقد انشق البحر وانفلق إلى فرقين كل فرق كالطود أي الجبل العظيم الذي يقف عالياً حتى مر موسى وقومه ، ثم عاد كما كان ، لماذا حدث هذا ؟ لماذا انفلق البحر إلى جزءين وتعطلت قوانين الماء ؟

لأن موسى عليه السلام رد الأمر إلي الله سبحانه وتعالى …كيف ؟

حينما تبع فرعون وجنده موسى عليه السلام عند هروبهم من مصر خوفاً من بطش فرعون ، ووصل موسى وقومه إلى شاطئ البحر ، أحسوا أن جيوش فرعون وراءهم تلاحقهم ، قال قوم موسى : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } أي إننا هالكون لا محالة.

هذا كلام واقعي .. لأن البحر أمامهم وفرعون وجنده وراءهم ، والمسألة في قوانين البشر واضحة لا تحتاج إلي بيان .

ولكن موسى عليه السلام يرد عليهم بكل ثقة : كلا ، قالها بملء فيه ، قالها وهو واثق تماماً ، لماذا ؟

لأنه لم يزعم أنه سينجو بأسباب البشر ، لم يقل سأنجو لأننا سنصعد جبل كذا ، أو سنعبر البحر بطريقة كذا ، وإنما قال : { قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}

لقد نقل موسى عليه السلام المسألة من قانون الإنسان إلى قدرة الله سبحانه وتعالى .. وهنا أوحى الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوْسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقِ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ}
.

معجزة عيسى عليه السلام :


كانت ولادة عيسى عليه السلام معجزة.

وكلام عيسى عليه السلام وهو طفل صغير بعد ولادته مباشرةٍ ليبرئ أمه معجزة .

ولكننا سنتناول المعجزة التي أيده بها الله سبحانه وتعالى عندما كلفه بالرسالة .

عيسى عليه السلام جاء والقوم يعلمون الطب .. فجاء لهم بمعجزة من جنس ما نبغوا فيه .. فأبرأ الكمه والبرص.

وتسامى إلي ما هو أكبر وأعظم من ذلك إلى شئ لم يصلوا إليه .. فأحيا الموتى بإذن الله وقد أمره ربه أن يقول لقومه ما ورد في سورة آل عمران


بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ }
.


فهل كان للرسول صلى الله عليه وسلم معجزات حسية كما كان لاخوته ابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ؟ نعم
فهل كان للرسول صلى الله عليه وسلم معجزات حسية كما كان لاخوته ابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ؟ نعم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل ولا ضد ولا ند له، وأشهد أنَّ سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه من انشق له القمر وسلم عليه الحجر وانقاد إليه الشجر هو فخر ربيعة ومضر صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.


إن معجزات الرسل خرقت النواميس (القوانين).. وتحدت وأثبتت أن الذي جاءت على يده رسول صادق من الله ، ولكنها معجزات كونية .. من رآها فقد آمن بها .. ومن لم يراها صارت عنده خبراً .. إن شاء صَّدقه .. وإن شاء لم يصدَّقه .. ولو لم ترد في القرآن لكان من الممكن أن يقال إنها لم تحدث .. إذن فالمعجزة الكونية المحسَّة .. أي التي يحس بها الإنسان ويراها .. تقع مرة واحدة .. من رآها فقد آمن بها .. ومن لم يرها تصبح خبراً بعد ذلك .

وقبل أن نبدأ في سرد بعض معجزات الرسول الحسية يجب أن نوضح بأننا لا نؤمن برسالته بسبب هذه المعجزات كما هو الحال في المسيحية لأننا قلنا من قبل أنها معجزات كونية .. من رآها فقد آمن بها .. ومن لم يراها صارت عنده خبراً .


ومن هذه المعجزات :-


01) أخرج الحاكم وصححه : قال ابن إسحاق : وحدثني عمرو بن عبيد ، عن الحسن عن جابر بن عبد الله : أن رجلا من بني محارب ، يقال له غورث بن الحارث قال لقومه من غطفان ومحارب ألا أقتل لكم محمدا ؟ قالوا : بلى ، وكيف تقتله ؟ قال أفتك به . قال فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فقال يا محمد أنظر إلى سيفك هذا ؟ قال نعم – وكان محلى بفضة فيما قال ابن هشام – قال فأخذه فاستله ثم جعل يهزه ويهم فيكبته الله ثم قال يا محمد أما تخافني ؟ قال ” لا ، ولا أخاف منك ؟ ” قال أما تخافني وفي يدي السيف قال ” لا ، يمنعني الله منك ” . فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: من يمنعك؟ قال: كن خير آخذ. قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى سبيله .

فلو كان رسول أو نبي كاذب لقتله غورث بن الحارث .
ولو كان الرسول جاء لينشر الإسلام بالسيف لأمر بقتله .


02) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، زاد : فأهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية سمتها ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، وأكل القوم ، فقال : ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة . فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري ، فأرسل إلى اليهودية : ما حملك على الذي صنعت ؟ قالت : إن كنت نبيا لم يضرك الذي صنعت ، وإن كنت ملكا أرحت الناس منك . فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت .ثم قال في وجعه الذي مات فيه . مازلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر ، فهذا أوان قطعت أبهري …… فمات بِشْر بْن الْبَرَاء بْن مَعْرُور بعد اكلها ولم يمت الرسول إلا بعد مرور اربع أعوام من الحدث ، فإن لم يكن نبي : فكيف اخبرته ذراع الشاه بالسم .. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : فهذا أوان قطعت أبهري كناية عن موته .. والبخاري ذكر حديث واحد بهذا الصدد ولكن ذكره البخاري معلقا أي ضعفه وهو : فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم .
المصدر: البداية والنهاية – الصفحة أو الرقم: 5/199
خلاصة الدرجة: ذكره البخاري معلقا .


03) الماء ينبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم

قال أنس بن مالك – رضي الله عنه – : (( أتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء وهو بالزوراء فوضع يده في الإناء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ القوم قال قتادة : قلت لأنس : كم كنتم ؟ قال : ثلاثمائة أو زهاء ثلاثمائة . متفق عليه والرواية المذكورة عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم ))

قال أبو عيسى وحديث أنس حديث حسن صحيح .وصححهع الألباني في صحيج سنن الترمذي.


04) سلام حَجَر عليه صلى الله عليه و سلم

عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن ” .

رواه مسلم وصححه الشيخ الألباني في تعليقه على المشكاة و انظر حديث رقم : 2487 في صحيح الجامع .

وقال عبد الله بن مسعود: ” كنت أمشي في مكة فأرى حجراً أعرفه ما مرَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة إلا وسمعته بأذني يقول السلام عليك يا رسول الله “.


05) جاء في صوته صلى الله عليه وسلم من الآيات

عن عبد الرحمن بن معاذ رضي الله عنه قال :”خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن بمنى، فَفُتِحَت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول و نحن في منازلنا و كنا جموع قريب من مئة ألف “،


أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد ..


06) وقوف الكفار أمام الغار

جدّت قريش في طلب الرسول وأبو بكر – رضي الله عنه – وأخذوا معهم القافة ( متبعو الأثر ) حتى انتهوا إلى الغار ، فوقفوا عليه ، قال أبو بكر قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا ، فقال : ( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) .


الراوي: أبو بكر الصديق – خلاصة الدرجة: [صحيح] – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 3653


07) مرّ عليهم وألقى على رءوسهم التراب ولا يرونه

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أمر الله حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت به وأرادوا به ما أرادوا أتاه جبريل عليه السلام ، فأمره أن لا يبيت في مكانه الذي كان يبيت فيه ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، فأمره أن يبيت على فراشه ، ويتسجى ببرد له أخضر ففعل ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه وخرج معه بحفنة من تراب فجعل يذرها على رءوسهم ، وأخذ الله عز وجل بأبصارهم عن نبيه وهو يقرأ : ] يس والقرآن الحكيم – إلى قوله – فأغشيناهم فهم لا يبصرون?

الراوي: محمد بن إسحاق – خلاصة الدرجة: [له ما يؤكده] – المحدث: البيهقي – المصدر: دلائل النبوة – الصفحة أو الرقم: 2/469

[حديث حسن : أخرجه ابن سعد (1/227-228) ، وابن هشام (1/483) وأحمد (1/348) ، وعبد الرزاق (5/389) ، وقد حسنه ابن كثير وابن حجر في الفتح (7/184-185) .]


08) سداد دين والد جابر ببركة الرسول

كان على والد جابر – رضي الله عنهما – دين كبير فسُدّ ببركة جلوس النبي على أموال السداد.

حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما : أن أباه استشهد يوم أحد ، وترك ست بنات ، وترك عليه دينا ، فلما أحضر جداد النخل ، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد ، وترك عليه دينا كثيرا ، وإني أحب أن يراك الغرماء ، قال : ( اذهب فبيدر كل تمر على ناحيته ) . ففعلت ، ثم دعوته ، فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة ، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات ، ثم جلس عليه ، ثم قال : ( ادع أصحابك ) . فما زال يكيل لهم حتى أدى أمانة والدي ، وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي ، ولا أرجع إلى أخوتي بتمرة ، فسلم والله البيادر كلها ، حتى أني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه لم ينقص تمرة واحدة .


الراوي: جابر بن عبدالله – خلاصة الدرجة: [صحيح] – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 2781 .

[حديث صحيح : أخرجه البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ]


09) رؤيته أصحابه من وراء ظهره

كان رسول الله يرى ما يصنعه الصحابة والمنافقون من وراء ظهره وهو يُصلي .

صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، ثم أقبل علينا بوجهه ، فقال : إني إمامكم فلا تبادروني بالركوع ، ولا بالسجود ، ولا بالقيام ، ولا بالانصراف ، فإني أراكم من أمامي ، ومن خلفي . ثم قال : والذي نفسي بيده ، لو رأيتم ما رأيت ، لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا . قلنا : ما رأيت يا رسول الله ؟ قال : رأيت الجنة والنار


الراوي: أنس بن مالك – خلاصة الدرجة: صحيح – المحدث: الألباني – المصدر: صحيح النسائي – الصفحة أو الرقم: 1362

[حديث صحيح : أخرجه مسلم في الصلاة ، والبيهقي في الدلائل ( 6/74)]


10) زاد أولاده عن المائة ، وزاد عمره عن المائة وزاد ماله عن المائة ألف بسبب دعاء النبي

جاءت بي أمي ، أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد أزرتني بنصف خمارها وردتني بنصفه . فقالت : يا رسول الله ! هذا أنيس ، ابني . أتيتك به يخدمك . فادع الله له . فقال ” اللهم ! أكثر ماله وولده ” . قال أنس : فوالله ! إن مالي لكثير . وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة ، اليوم .


الراوي: أنس بن مالك – خلاصة الدرجة: صحيح – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح – الصفحة أو الرقم: 2481

[صحيح : أخرجه البخاري في الدعوات رقم ( 6344،6334)]


11) يأكل ثلاثة آلاف من طعام لا يكفي عشرة ويشبعون والطعام كما هو

ومن معجزاته تكثير الطعام حتى أن طعاماً لايكفي عشرة كفى ثلاثة آلاف وبقي الطعام كماهو .

175627 – لما حفر الخندق رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا . فانكفأت إلى امرأتي . فقلت لها : هل عندك شيء ؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا . فأخرجت لي جرابا فيه صاع من شعير . ولنا بهيمة داجن . قال فذبحتها وطحنت . ففرغت إلى فراغي . فقطعتها في برمتها . ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت : لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه . قال فجئته فساررته . فقلت : يا رسول الله ! إنا قد ذبحنا بهيمة لنا . وطحنت صاعا من شعير كان عندنا . فتعال أنت في نفر معك . فصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ( يا أهل الخندق ! إن جابرا قد صنع لكم سورا . فحيهلا بكم ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تنزلن برمتكم ولا تخبرن عجينتكم ، حتى أجئ ) فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس . حتى جئت امرأتي . فقالت : بك . وبك . فقلت : قد فعلت الذي قلت لي . فأخرجت له عجينتنا فبصق فيها وبارك . ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيها وبارك . ثم قال ( ادعي خابزة فلتخبز معك . واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها ) وهم ألف . فأقسم بالله ! لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا . وإن برمتنا لتغط كما هي . وإن عجينتنا – أو كما قال الضحاك – لتخبز كما هو .

الراوي: جابر بن عبدالله – خلاصة الدرجة: صحيح – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح – الصفحة أو الرقم: 2039


إذن المعجزات الحسية كثيرة جداً ولكنها معجزات كونية .. من رآها فقد آمن بها .. ومن لم يراها صارت عنده خبراً …. ونحن كمسلمين لا نؤمن برسول الله بسبب إيماننا بهذه المعجزات ، فمنا من يُصدقها ومنا من لم يُصدقها …… ولكن المعجزة الحقيقية التي نراها ونقراها ونسمعها ونلمسها هي القرآن الكريم المعجزة الحقيقية على مر العصور ولا ينتهي كمعجزة إلى أن تقوم الساعة .
نأتي الآن للمعجزة الحقيقية والعقلية وهي معجزة القرآن


معجزة القرآن وكيف تختلف


1- نلاحظ أن معجزة القرآن تختلف عن معجزات الرسل السابقين .. معجزات الرسل خرقت النواميس (القوانين).. وتحدت أثبتت أن الذي جاءت على يده رسولا صادقا من الله ، ولكنَّ معجزة النبي صلى الله عليه وسلم عقلية باقية خالدة .. يستطيع كل واحد أن يقول : محمد رسول الله … وهذه معجزته وهى القرآن..


2- شئ آخر .. إذا نظرنا إلي المعجزات السابقة .. وجدنا هذه المعجزات فعلاً من أفعال الله .. وفعل الله من الممكن أن ينتهي بعد أن يفعله الله ؛ البحر انشق لموسى عليه السلام ثم عاد إلى طبيعته .. النار لم تحرق إبراهيم ولكنها عادت إلي خاصيتها بعد ذلك .. ولكن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم صفة من صفات الله .. وهى كلامه .. والصفة باقية ببقاء الموصوف..


اختلاف معجزة القرآن عن معجزات الرسل :

3- ويلاحظ أيضاً في معجزة القرآن .. أنها اختلفت عن معجزات الرسل اختلافاً آخر .. كل رسول كانت له معجزة .. وله كتاب منهج .. معجزة موسى العصا .. ومنهجه التوراة .. ومعجزة عيسى الطب .. ومنهجه الإنجيل .. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم معجزته هي عين منهجه .. ليظل المنهج محروساً بالمعجزة .. وتظل المعجزة في المنهج .. ومن هنا فقد كانت الكتب السابقة للقرآن داخلة في نطاق التكليف .. بمعنى أن الله – سبحانه وتعالى .. كان يُكلف عباده بالمحافظة على الكتاب .. أما القرآن .. فقد قال الله سبحانه وتعالى عنه : الحجر 9


قال  الله تعالى
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ



أولاً
: لأن القرآن معجزة .. وكونه معجزة لابد أن يبقى بهذا النص وإلا ضاع الإعجاز ..

ثانياً
: لأن الله اختبر عباده في الحفاظ على الكتب السابقة .. فنسوا حظا مما ذكروا به .. والذين لم ينسوه كتموا بعضه .. والذين لم يكتموه يلوون ألسنتهم به ويحرِّفونه عن موضعه .

وهكذا نرى أنَّه كان هناك أكثر من نوع : المسخ والنسيان والتحريف { المسخ هو تغيير الشيء إلي ما هو أقبح } .. ثم جاءوا بأشياء من عندهم وقالوا إنها من عند الله ليشتروا بها ثمنا قليلاً.
قال تعالى
قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ
[المائدة13]
التطبيق والحفظ

ومن هنا فإن الله سبحانه وتعالى قرر أن يحافظ على القرآن .. ولو أخذنا خطين . ، خط تطبيق القرآن والعمل بتعاليمه .. وخط المحافظة على القرآن .. نرى أن خط تطبيق القرآن كلما مر الزمن ضعف .. وخط المحافظة على القرآن كلما مر الزمن ازداد .. لو كنا نطبق المنهج تطبيقاً سليماً لكان هذا أمر طبيعياً .. ولكن غفلتنا عن تعاليم القرآن كسلوك في الحياة لا تتمشى مع ازدياد الحفاظ على القرآن ..

نجد القرآن في كل مكان .. في كل منزل ومكتب وسيارة .. حتى غير المسلم يحافظ علي القرآن ويحمله .. فنجد شخصاً ألمانياً مثلاً يفكر في أن يكتب القرآن في صفحة واحدة .. بشكل جميل .. فلماذا يفعل ذلك بالقرآن .. قبل أن يفعله مع الكتب السماوية الأخرى ..؟ وما الذي يجعل دولة كاليابان وإيطاليا تتفننان في طباعة المصحف بشكل جميل أنيق ؟! .. إن ذلك يحدث لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يدلل لنا على أنه يحفظ القرآن .. وكلما ابتعدنا عن المنهج .. ازددنا في حفظ القرآن والعناية به .. ليدلل على أن الذي يحفظه هو الله .. وليس القائمون على المنهج.
معجزة القرآن للعالم كله والكفار يناقضون أنفسهمٍ


القرآن يتحدى العرب


فإذاً حددنا هذه العناصر الثلاثة التي تمتاز بها معجزة القرآن { القرآن معجزة عقلية ، وهو كلام الله صفته باقية ببقائه ، ومعجزة القرآن هي نفس المنهج ليظل المنهج محروساً بالمعجزة وتظل المعجزة في المنهج } ..


ننتقل بعد ذلك إلي نقطة أخرى .. القرآن كلام الله المتعبد بتلاوته … جاء من جنس ما نبغ فيه العرب .. القوم الذين نزل فيهم .. قوم محمد صلى الله عليه وسلم ، عُرفوا بالبلاغة والفصاحة وحسن الأداء وجمال المنطق ، وسلاسة التعبير … فيتحداهم القرآن في هذا .. ( كيف فرق رسولنا الكريم بين آلم (و) ألم .. إذن هناك علم أعلى ) فلما سمعوه انبهروا .. ولكن العناد أوقفهم … قالوا ساحر … والرد هنا بسيط جداً .. هل يملك المسحور اختياراً مع الساحر ؟ (لا) .. فإذا كان محمد ساحراً .. فقد سحر الناس .. فلماذا لم يسحركم أنتم حتى تتبعوه ؟ .. إنما المسحور لا يخضع للساحر بإرادته .. ولا يأتي ليقول له سأصدق هذا السحر وأكذب بهذا السحر .. إنما المسحور مسلوب الإرادة أمام الساحر … فكونكم تقولوا إنه ساحر وأنتم لا تؤمنوا به دليل على أنكم كاذبون … وتارة أخرى يقولوا مسحور … فهل يمكن أن يكون المسحور ساحرا أو أن يكون الساحر مسحورا ؟!!!!

ثم قالوا : شاعر .. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يقل الشعر في حياته .. وأنتم تعرفون ذلك .. فلماذا فجأة تتهمونه بالشعر

ثم قالوا : مجنون … هل المجنون يكون على خـُلق ؟ إنك لا تعرف إذا كان المجنون سيشتمك .. أو يقذفك بحجر لا تعرف ماذا سيفعل معك في الدقيقة التالية ، فهل المجنون يكون على خـُلق عظيم كالنبي  صلى الله عليه وسلم ؟ الذي يعرفون خلقه جيداً .. والذي كانوا يلقبونه قبل الإسلام بالصادق الأمين ويستأمنونه على ودائعهم حتى بعد أن بعثه الله عز وجل برسالة الإسلام .

الذي حدث أنهم انبهروا .. ذُهلوا .. هم ملوك البلاغة والفصاحة وأساطينها (أربابها العالمون بها والنابغون فيها ) .. فجاءهم كلام أعجزهم .. وجدوا أنفسهم عاجزين .. فتخبطوا .. قالوا ( ساحر .. مسحور .. شاعر .. مجنون ) ، قالوا أشياء لا تخضع لأي منطق .. لأنهم في قوة المفاجأة فقدوا الحًجَّة والمنطق ..

فمن جمال لغة القرآن قال فيه ألد أعدائه – الوليد بن المغيرة – عندما أرد هو ونفر من قريش أن يطيحوا بالرسول بأن يقولوا أنه مجنون أو شاعر: ((والله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغذق، وإنه ليعلوا وما يعلى عليه)).

ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل اتهم أعداء الدين الى يومنا هذا أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم – بهتانا – بأنه افترى القرآن ، ولكنهم تغاضوا عن تحدي القرآن لهم بمنتهى البساطة .

فأنتم أيها المضللون والمشككون إذا كنتم أهل فصاحة وبلاغة بما توصلتم إليه بالعلم القديم والحديث ، وأنتم تمتلكون جنس ونوع نبوغ ما جاء به القرآن ، وما دمتم قد قلتم : إنَّ محمداً قد افترى القرآن ، وإنَّ آيات القرآن ليست من عند الله ، فلقد تحداكم القرآن بأن تفتروا مثله ؟

وطالما توصلتم بعلمكم بأن القرآن أفتراه سيدنا محمد فإذن الأمر سهل بالنسبة لكم ، فلماذا لا تأتون بمثل القرآن ولو بعشر سور منه ؟

فمن المعروف أن محمداً منذ صغره لم يكن له شعر ولا نثر ولا خطابة ولا علاقة له بعلوم الرياضة ، ولم يزاول الشعر والخطابة ، ولم يشترك في مسابقات البلاغة والشعر ، وغير معروف عنه إنه عالم رياضيات أو فلك أو طب أو هندسة أو خبير في علم البحار والأرض والكواكب ، وأنتم الآن توصلتم بالعلم الحديث للصعود الى القمر والمريخ وبحثتم في باطن الأرض واستخرجتم المعادن منها ، وتوصلتم بالعلم الى أستنساخ البشر والحيوان ، وأنتجتم أدق الحاسبات الآلية … ألم يكن لديكم بعد كل هذا التطور العلمي أن تأتوا بمثل هذا القرآن ، فأين أنتم ؟

قال تعالى
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا



وتحداكم ولو بعشر سورة مفتراه كما زعمتم ، أين أنتم ؟


قال تعالى
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين



تحداكم بحديث مثله ، أين أنتم ؟




قال تعالى
فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ



فما دام لديكم القدرة لأثبات أنه افتراه إذن لديكم القدرة بأن تفتروا مثله .

إذن فقد سهل عليكم القرآن ليكون التحدي على قدر عقولكم وعلمكم القديم والحديث ، فتحداكم القرآن بسورة واحدة … فأين أنتم ؟




قال تعالى
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين



فإن لم تفتروا مثله كما زعمتم على القرآن ، فالقرآن ليس افتراء

فهل ثبت بعد ذلك التحدي من القرآن لهؤلاء المضللين أنهم قبلوا التحدي ؟

لا … فشلوا وهربوا منكسين رؤوسهم … لأنهم لم يستطيعوا بأن يأتوا بآية واحدة مثل آيات القرآن في البيان الآسر وقوة الفصاحة وأسرار المعاني ؟


وأنظروا على قدرة التحدي … كتاب يحتوي على كلمات وحروف ، فكلماته تتحدى كل كائن خلقه الله ما بين السماوات والأرض ، فمن يحاول أن يتحداه يجده هو المتحدي… بل وقوة التحدي تتمثل في الآتي :


أولاً
: أن يأتوا بمثل هذا القرآن ……. فشلوا
ثانياً : أن يأتوا بعشر صور ……. فشلوا
ثالثاً : أن يأتوا بسورة ……. فشلوا
رابعاً: أن يأتوا بحديث مثله …فشلوا


أنظروا : كلمات تحتوي على حروف تتحدى كل العلوم الحديثة .. ألا يكفي هذا للخضوع والإمان بالله عز وجل ، ألا يكفي هذا للصلاة والعبادة في أوقاتها حمداً وشكراً لعظمة هذا الدين ، ألا يكفي هذا لكي نشكر الله عز وجل على نعمة الإسلام .

اللهم صلي وسلم وبارك عليك يا رسول الله

أنظروا قمة التحدى … حروف تتحدى الدنيا كلها بمن عليها

لن يقف التحدي عند هذا الحد : فقال لمن يحاول أن يتحدى القرآن :

فليدعوا مجمعاً من البـُلغَاء ، نعم : هاتوا كل شركائكم وكل نبغائكم من دون الله تعالى إن كنتم صادقين .. بل زاد التحدي الى أن يأتوا بعالم الجن أجمع … وإن لم تفعلوا … فتحداهم القرآن بأن يجتمع أهل الجن والإنس معاً …. وإن لم تفعلوا ولن تفعلوا… إذن قال الله تعالى له :




قال تعالى
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلكَافِرِين



لماذا ؟ .. لأنه الحقُّ من الله جل وعلا …بشهادة الخصوم … ومادام فوق كل ذي علم عليم ، وما دام القرآن قد جاء من عند الله سبحانه وتعالى ، فلا علم لبشر أو أي مخلوق أخر يمكن أن يأتي بمثل هذا القرآن . والتحدي قائم إلى يوم الدين


فأعلم أيها القارئ أن القرآن إنَّما نزل من عند الله الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد


وأعلم يا من تحاول أن تتحدى القرآن … ها هو القرآن يتحداك قبل أن تتحداه أنت ، إن قبلت التحدي أثبت صدق كلامك .. فلديك أربع تحديات من القرآن .. أختار المناسب لقدراتك وأستعن بمن أردت وبعد ذلك أفعل ما شئت .. وإن فشلت

فأتقي الله وآمن به … فأسلم تسلم … لا معنى ذلك أن تسلم من محاربتك أو قتلك .. لا فهذا مفهوم خطأ .. لأنك لو اسلمت فستسلم لله ، وإن وأشركت وبقيت على شركك فإنك لن تسلم من غضب الله وعذابه … فالمعنى من كلمة ( أسلم تسلم ) الغرض منها النصيحة


قال تعالى
الحِجْر
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغَفُورُ الرَّحِيمُ – وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الأَلِيمُ

القرآن يتحدى العالم

.
حينما جاء القرآن تحدى في أشياء كثيرة .. أولها أنه مزق حواجز الغيب .. مزق حواجز الزمان والمكان .. كيف ذلك ؟

إن حواجز الغيب ثلاثة :

1) حاجز المكان : أي أن أشياء تحدث في نفس اللحظة .. ولكن لا أعرف عنها شيء .. لأنها تحدث في مكان آخر .
2) حاجز الزمن الماضي : وهو شيء حجبه عني زمن مضى .. فأنا لم أشهده .
3) حاجز المستقبل : وهو ما سيحدث غداً لأن حاجز الزمن المستقبل قد حـُجب عني فلم أشهده

فإذا قرأنا القرآن وجدنا أنه مزق حاجز الزمن الماضي .. فيخبرنا بما حدث للأمم السابقة .. ويروي لنا قصص الرسل السابقين .. ويحكي لنا أشياء لم يكن أحد يعرفها …

وكل هذا يأتي على لسان مَنْ ؟ .. أنه على لسان النبي الأمي .. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم… لا يقرأ ولا يكتب ، يحكي إذن أسرار الماضي ، ويتحدى الذين يكذبون .. لقد مزق الله .. سبحانه وتعالى .. له حجاب وحاجز الزمن الماضي .. ويكفي أن نقرأ في القرآن … {{{ وما كنت ، وما كنت ، وما كنت }}} لنعرف كم أخبر الله .. سبحانه وتعالى .. رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنباء من غيب الماضي .. سنتناول بعضاً منها :

1) يقول الحق سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين

آلِ عِمْرَان آية رقم : 44 قرآن كريم
قال الله تعالى
{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}

أي أنك لم تكن هناك يامحمد في بيت المقدس عندما اقترع كهان بيت المقدس أيهم يكفل ويرعى الطفلة المباركة مريم ابنة عمران ، وكان والدها إمامهم وصاحب قربانهم وكلهم يتمنى كفالتها ورعايتها ، وكان نبي الله زكريا عليه السلام حاضرا معهم ، وزوجته خالة تلك المولودة التي نذرتها أمها وهي في بطنها أن تكون خالصة لخدمة بيت المقدس ، ولما أقترعوا على من يكون كفيلها ومربيها كانت القرعة من نصيب نبي الله زكريا عليه السلام ، ولكن الله هو الذي أخبرك ومزق لك حجاب الزمن الماضي .

2) يقول الله سبحانه وتعالى … في سورة يوسف

يُوسُف آية رقم : 102 قرآن كريم
قال الله تعالى
{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}

أي : وما كنت حاضرا يا محمد عندما حقد إخوة يوسف عليه وألقوه في الجب ، ثم كذبوا على أبيهم حينما رجعوا عشاءا فادعوا أنَّ الذئب قد أكله ، وأكدوا ادعاءهم بتلويث قميصه بدم كذب قدموه لأبيهم ، ولكن الله سبحانه وتعالى أنجاه من مكرهم ورفعه فوقهم ، حيث جعله على خزائن الأرض ، ولما أصابهم القحط جاءوا يطلبون منه المدد والعون ، وهم لا يعرفونه ، فما كنت تعرف ذلك ولكن الذي أخبرك بذلك هو الله سبحانه وتعالى ، في كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .

3) ونأتي إلى سورة القصص لتحكي لنا الآيات جانباً من اختراق القرآن الكريم لحجاب الزمن الماضي فيما حدث لنبي الله موسى عليه السلام

سورة القَصَص
قال تعالى
{وَمَا كُنْتَ بجَانِبِ الغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوْسَى الأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ، وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ، وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}

وهكذا نرى أن القرآن مزق حجاب الزمن الماضي في أكثر من مناسبة ليخبر محمداً { بالأخبار الصحيحة عمن سبقوه من الرسل }

لقد ضربنا نماذج لما جاء في القرآن الكريم من أخبار الأمم السابقة والرسل السابقين ، ومن أراد الاستزادة فليفتح كتاب الله ليتزود بما أخبر به عن : خلق سماوات وأرض وبحار وأنهار وجبال وشمسي وقمر ونجوم وحيوانات وطيور … الخ .

ويقرأ فيه قصة خلق آدم عليه السلام أبو البشرية وأول إنسان خلقه الله وقصة أبنيه قابيل وهابيل وقصص الأنبياء من بعد آدم وحتى محمد صلى الله عليه وسلم

ولم يكتف القرآن بذكر الرسل السابقين بل وصحح ما حُرِّف من الكتب السماوية التي أنزلها الله وحرَّفها الرهبان والأحبار.

قال الله تعالى
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيّ  َالَّذِي يَجِدُونَهُ  مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ
[الأعراف157]

قال الله تعالى
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
[الصف 6]

بل إن الإعجاز هنا جاء في تصحيح ما حدث من تحريف الكتب السماوية التى سبقت القرآن .. ولكن محمد صلى الله عليه وسلم يتحدى بالقرآن أحبار اليهود ورهبان النصارى .. ويقول لهم هذا من عند الله .. في التوراة أو الإنجيل … وهذا حرفتموه في التوراة والإنجيل .. ولم يكونوا يستطيعون أن يواجهوا هذا التحدي أو يردوا عليه .. ذلك أن التحدي للقرآن في تمزيق حجاب الزمن الماضي .. وصل إلى أدق أسرار الرسالات السماوية الماضية فصححها لهم … وبين ما حرفوه منها وما أخفوه … وتحداهم أن يكذبوا ما جاء في القرآن فلم يستطيعوا … ومن ذلك قول الله تعالى بسورة مريم آية 34
قال تعالى
ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ
ثم جاء الأمر الثاني .. فمزق الله حجاب المكان لمحمد صلى الله عليه وسلم
ثم جاء الأمر الثاني .. فمزق الله حجاب المكان لمحمد صلى الله عليه وسلم .. وجاء في أمر من أدق الأمور وهو حديث النفس

وهنا وقبل البدأ .. أحب أن نضع في أذهاننا جيداً أن القرآن هو كلام الله المتعبد بتلاوته .. وأنه يبقى بلا تعديل ولا تغيير ولا يجرؤ أحد على أن يمسه أو يحرفه ، ومن هنا فإن هذا الكلام حجة على محمد صلى الله عليه وسلم مأخوذة عليه .. فإذا أخبر القرآن بشيء ,, واتضح أنه غير صحيح .. كان ذلك هدماً للدين كله ..


يأتي القرآن متحدثاً عن المنافقين في سورة المجادلة آية 8
قال تعالى
وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُُ


ما معنى هذا الكلام؟

معناه إمعان التحدي .. فالقرآن هنا لا يقول لهم لقد هتكت حاجز الماضي .. وأخبرتكم بأنباء الأولين .. ولا يقول لهم سأهتك حاجز الماضي وأخبركم بما يدور في بقعة قريبة لا ترونها بل يقول :

سأهتك حاجز النفس .. وأخبركم بما في أنفسكم .. بما في داخل صدوركم .. بل بما تهمس به سفاهكم .. وقال في كلام متعبد بتلاوته لن يتغير ولا يتبدل .. قال : المجادلة آية 8

المجَادَلَة آية رقم :
قال تعالى
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَونَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِيرُ

وقد نزلت الآية في فريقين من اليهود

الفريق الأول : كانوا كلما مر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ، تهامسوا وتناجوا ليغيظوا الرسول والمسلمين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن ذلك فيعودون إلى ما نهوا عنه ، وهو التهامس والنجوى بالإثم والعدوان ومعصية الرسول .

الفريق الثاني : كانوا إذا مروا بالرسول قالوا : السام عليكم بدلاً من السلام عليكم ، ينطقونها بسرعة حتى لا يفهمها السامعون ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفهم ما يقولون فبين لأصحابه مكرهم ، وعلمهم أن يردوا عليهم ما قالوا ، فيقولون لهم : وعليكم .

قال : ما يدور في أنفس غير المؤمنين .. فهل هناك أكثر من هذا تحدياً .. لحجاب المكان .. إنه تحد فوق قدرة كل الاختراعات البشرية التي وصل إليها العلم الآن لاختراق حجب المكان .

بل إن التحدي ظهر فيما يحرص غير المؤمنين على إخفائه … فالإنسان حين يحرص على إخفاء شيء .. ويكون غير مؤمن يأتي إليك فيحلف لك بأن هذا صحيح وهو غير صحيح في نفسه فقط .. ولكن حرصه في أن يخفيه على الناس يجعله يؤكد أنه صحيح بالحلف .

ويأتي الله سبحانه وتعالى فيجعل القرآن يمزق نفوس هؤلاء الناس .. ويُظهر ما فيها إمعاناً في التحدي … ويقول الله سبحانه وتعالى

التَّوْبَة آية رقم 42:
قال تعالى
لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

ويقول الله سبحانه وتعالى

التَّوْبَة آية رقم : 96
قال تعالى
يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ

ويقول الله سبحانه وتعالى
المجَادَلَة آية رقم : 14
قال تعالى
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُمْ مِّنْكُم وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

ثلاث آيات نزلت في منافقي المدينة الذين كانوا يظهرون الإيمان ويخفون في صدورهم الكفر والحقد على الإسلام والمسلمين .

الآية الأولى : كشفت عما سيقوله المنافقون للرسول والمسلمين عند رجوعهم إلى المدينة من غزوة تبوك بعد أن تخلفوا عنها ، وسوف يحلفون لهم معتذرين ، حتى لا يؤنبهم على تخاذلهم وتخلفهم .

والآيتان الثانية والثالثة : تكشفان أن هؤلاء المنافقين يوالون المسلمين في الظاهر ، ويوالون الكفار في الباطن ، ويحلفون لكل فريق أنهم معهم ، والحقيقة أنهم ليسوا مع الكفار ولا مع المسلمين إنما هم منافقون



إذن فالقرآن هنا جاء لأناس غير مؤمنين .. وهتك حاجز النفس بالنسبة لهم فأخرج ما في صدورهم وعراهم أمام الناس جميعاً … وفضح كذبهم .. ونشر على الدنيا كلها ما في صدورهم من كذب ورياء ونفاق .. أي أنه أهانهم أمام المجتمع كله .. ولو كان هذا غير صحيح لقال هؤلاء القوم إننا لم نكذب .. إننا صادقون .. والكلام الذي يدعيه محمد بأنه يأتي من عند الله كلام غير صحيح … ولكن هؤلاء بُهتوا من أن القرآن مزق حجاب نفوسهم فلم يستطيعوا رداً … وبُهتوا لأن الله أخرج ما في صدورهم .. وعراهم أمام الناس جميعاً …

فهل نريد إعجازاً أكثر من ذلك ؟


ثم بعد ذلك مزق القرآن حجاب المستقبل
حجاب المستقبل


كان لا بد أن يكون الحديث عن المستقبل على عدة مراحل ..

المرحلة المعاصرة .. لكي يعرف أصحاب الرسالة والمؤمنون أنه الحق

مرحلة المستقبل البعيد .. لكي يعرف كل عصر من العصور التي ستأتي بعد نزول القرآن أن هذا هو كتاب الله الحق .. ومن هنا كان التحدي .. بالنسبة للمعاصرين عن أحداث قريبة .. وبالنسبة للعالم عن حقائق الكون كله ..

وهنا أحب أن أنبه إلى شيء هام جداً هو استخدام حرف السين في القرآن

فحرف السين كما نعرف في اللغة العربية لا يستخدم إلا بالنسبة لأحداث مستقبلة … والقرآن محفوظ ومتعبد به وبتلاوته .. وسيظل محفوظاً حتى يوم الساعة … ومعنى ذلك أنه لا يمكن تبديله أو تغييره أو إنكاره من أحد من المتعبدين به … بل إنه سيظل يُتلى هكذا كما أنزل ..

إذن فإنباء القرآن بأحداث مستقبلة يسجل هذه الأحداث على قضية الإيمان نفسها .. ويطعن الدين في صميمه .. خصوصاً إذا تبين أن ما تنبأ به القرآن غير صحيح .. ومن هنا فلا بد أن يكون قائل القرآن متأكدا من أن هذا سيحدث في المستقبل ..

مَنْ مِنْ البشر يستطيع أن يتأكد ماذا سيحدث له بعد ساعة واحدة ؟ فما بالك بعد أيام … وسنوات ؟! …

الجواب … لا أحد …

ذلك أن قدرة البشر في صنع الأحداث محدودة .. فقد حُجب عنهم الزمن … وحجب عنهم المكان … فلو قلت مثلاً إنني سأبني عمارة في هذه البقعة بعد عام .. أنا لا أضمن أنني سأعيش حتى الساعة القادمة .. وبذلك لا أستطيع أن أحكم إذا كنت سأكون موجوداً هناك أم لا … هذه واحدة ..

ثانياً : قد تأتي الحكومة مثلاً وتبني مستشفى في هذا المكان .. أو قد يقام في هذا المكان سوق أو شارع فأنا لا أستطيع أن أجزم في شيء مادي سيحدث بعد فترة زمنية محدودة ..

ولكن الذي يستطيع أن يقول هذا يقيناً هو الذي يملك القدرة .. ومن هنا فإنه يستطيع أن يقول يقيناً : إن هذا سيحدث بعد فترة من الزمن .. والذي يملك ذلك هو الله سبحانه وتعالى ..

فإذا كان الحديث عما سيحدث بعد آلاف السنين فإن ذلك فوق طاقة البشر جميعاً … لقد أنبأ القرآن بما سيحدث بعد أعوام قليلة … وبما سيحدث بعد آلاف السنين .. فالذي قال هذا هو القادر العالم بأن ذلك سيحدث يقيناً وهو الله سبحانه وتعالى … أنظر قول الله

القَمَر آية رقم : 45 قرآن كريم
قال الله تعالى

سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ



لقد نزلت سورة القمر هذه في مكة والمسلمون قلة .. وأذلة … حتى أن عمر بن الخطاب قال : أي جمع هذا الذي سيهزم ونحن لا نستطيع أن نحمي أنفسنا ؟

وهكذا يتنبأ القرآن بأن الإسلام سينتصر في مكة .. وأن هؤلاء الجمع الذين تجمعوا لمحاربة الإسلام في مكة سيهزمون ويولون الأدبار …

ويتنبأ بها متى ؟

والمسلمون قلة …. وأذلة … لا يستطيعون حماية أنفسهم … ويطلقها قضية .. وهو على يقين من أن الله الذي قالها سيحققها …

وبعد ذلك نجد عجباً … الوليد بن المغيرة العدو الألد للإسلام .. والمشهور بكبريائه ومكابرته وعناده .. يأتي القرآن ويقول هذا الإنسان المكابر العنيد ….

القَلَمُ آية رقم : 16 قرآن كريم

قال  الله تعالى
سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ



(( نسمه : نعلمه .. الخرطوم : الأنف ))


أي أنه سيقتل بضربة على أنفه .. ويحدد موقع الضربة … وبعد ذلك يأتي في بدر … فتراه قد وسم موقع الضربة ومكانها .. من الذي يستطيع أن يجزم .. ماذا سيحدث بعد ساعة واحدة ؟

ونأتي بعد ذلك إلى آية أخرى … الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي فيقرأ قول الله سبحانه وتعالى

المَسَدُ آية رقم : 1 قرآن كريم
قال الله تعالى

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ، وَامْرَأَتُهُ حمَّالَةَ الحَطَبِ ، في جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدِ


هذا قرآن .. وفيمن .. ؟ في عم رسول الله .. وفيمن؟ . في عدو الإسلام ..

ألم يكن أبو لهب يستطيع أن يحارب الإسلام بهذه السورة ؟

ألم يكن يستطيع أن يستخدمها كسلاح ضد القرآن ؟ ضد هذا الدين ..

قالت له الآية : يا أبا لهب أنت ستموت كافراً ، ستموت مشركاً ، وستعذب في النار .. وكان يكفي أن يذهب أبو لهب إلى أي جماعة من المسلمين .. ويقول : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأن محمداً رسول الله .. يقولها نفاقاً .. يقولها رياءً .. يقولها ليهدم بها الإسلام .. لا ليدخل في الإسلام ..

يقولها ثم يقف وسط القوم يقول : إنَّ محمداً قد أنبأكم أنني سأموت كافراً .. وقال إنَّ هذا كلام مبلغ له من الله .. وأنا أعلن إسلامي لأثبت لكم أن محمداً كاذب .. لو كان أبو لهب يملك ذرة واحدة من الذكاء لفعل هذا ..

ولكن حتى هذا التفكير لم يجرؤ عقل أبي لهب على الوصول إليه … بل بقى كافرا مشركاً ، ومات وهو كافر .. ولم يكن التنبؤ بأن أبا لهب سيموت كافراً أمراً ممكناً … لأن كثيراً من المشركين اهتدوا إلى الإسلام كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعمر بن الخطاب .. وغيرهم … كانوا مشركين وأسلموا … فكيف أمكن التنبؤ بأن أبا لهب بالذات لن يسلم ولو نفاقاً .. وسيموت وهو كافر ؟! …

المعجزة هنا أن القرآن قد أخبر بما سيقع من عدو …. وتحداه في أمر اختياري .. كان من الممكن أن يقوله ومع ذلك هناك يقين أن ذلك لن يحدث .. لماذا ؟ لأن الذي قال هذا القرآن .. يعلم أنه لن يأتي إلى عقل أبي لهب تفكير يكذَّب به القرآن …

فهل هناك إعجاز أكثر من هذا ؟


ونأتي للنقطة الثانية

وهي إعجاز قرآني عجيب … فقد كان هناك أمتان كبيرتان إمبراطوريتان بجانب الجزيرة العربية .. هما الروم والفرس … والمعروف أن الروم كانوا أهل كتاب …علماً بأنهم لا يصدقون برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. والفرس كانوا أهل كفر وإلحاد في ذلك الوقت .. إذن فأيهما أقرب إلى قلب المؤمنين ؟ بالطبع الروم .. وأيهما أقرب لقلب الكفار والمشركين ؟ بالطبع الفرس

وقد قامت الحرب بين الدولتين .. فأنتصر الفرس وهزمت الروم .. وهنا فرح المشركون ، لأن الكفر قد أنتصر .. وحزن وقتها المؤمنون … وهنا تدخل الله سبحانه وتعالى وأنزل من الآيات ما يزيل حزن المؤمنين .. فيقول
الرُّوم


بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى
الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيم



ثم مضى القرآن ليمعن في التحدي ..

الروم آية رقم : 6 قرآن كريم

قال الله تعالى
وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون


ما هذا ؟

أيستطيع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يتنبأ بنتيجة معركة بين الفرس والروم بعد بضع سنين ؟

هل يستطيع قائد عسكري مهماً بلغت قوته وعبقريته ونبوغه أن يتنبأ بمصير معركة عسكرية بعد ساعة واحدة من قيامها ؟

فما بالك أن ذلك يأتي ويقول إنه بعد بضع سنين ستحدث معركة بين الفرس والروم وينتصر فيها الروم ..

هل أمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على نفسه أن يعيش بضع سنين ليشهد هذه المعركة .. لقد وصل الأمر بأبي بكر رضى الله عنه .. أنه راهن على صحة ما جاء به القرآن ..

إذن فقد أصبحت قضية إيمانية كبرى ..

هذا هو القرآن .. كلام الله ,,, وأساس الإيمان كله ..

يأتي ويخبر بحقيقة أرضية قريبة ستحدث لغير العرب .

ويقول الكفار : إن القرآن كاذب ..
فيقول المؤمنون : إن هذا صدق ..

ويحدث رهان بين الاثنين ..

ماذا كان يمكن أن يحدث لو أنه لم تحدث معركة بين الروم والفرس ؟

أو لو أنه حدثت معركة وهُزم فيها الروم ؟

أكان بعد ذلك يصدق أي إنسان القرآن ؟

أو يؤمن بالدين الجديد ؟

ثم إذا كان القرآن من عند سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فما الذي يجعله يدخل في قضية غيبية كهذه لم يطلب منه الدخول فيها ؟

أيضيع الدين من أجل مخاطرة لم يطلبها أحد ؟

ولم يتحداه فيها إنسان ؟

ولكن القائل هو الله ..
والفاعل هو الله ..

ومن هنا كان هذا الأمر الذي نزل في القرآن يقيناً سيحدث .. لأن قائله ليس عنده حجاب الزمان .. وحجاب المكان .. ولا أي حجاب وهو الذي يقول ما يفعل … ومن هنا حدثت الحرب … وأنتصر الروم على الفرس فعلاً .. كما تنبأ القرآن ..

وهكذا تحدى القرآن الكفار وغير المسلمين في وقت نزوله .. أي أنه لم يتحدى العرب وحدهم .. بل تحدى المؤمنين والكفار من غير العرب .. بأن أنبأهم بما سيحدث لهم قبل أن يحدث بسبع أو ثماني سنوات .. وتحداهم بهذا علَّهم يؤمنون .

ولكن التحدي سيستمر إلى يوم القيامة
وقد تحدى القرآن العالم بالإعجاز في اللغة .. وطلب أن يأتوا بمثله أو بعشر سور أو بسورة أو بحدث من مثله ، ولكن القرآن لم يقف عن هذه النقطة فقط …

إذن بماذا تحداهم ؟

تحداهم بالعلم

وكان التحدي مطلقاً إلى يوم الدين ..

قال : أنتم جميعاً لن تستطيعوا أن تخلقوا شيئاً حتى نهاية العالم …

ثم تحداهم بخلق ماذا ؟ أبخلق كون كالذي خلقه ؟ لا

أبخلق مجموعة شمسية من عشرات المجموعات الشمسية الموجودة في الكون ؟ .. لا

أبخلق شمس أو قمر أو نجم ؟ .. لا

إذن تحداهم بخلق الكرة الأرضية مثلاً ؟ … أبداً

لا بد أنه تحداهم بخلق الإنسان … أبداً

لم يتحداهم بشيء من ذلك .

إذن فما هو التحدي هذا المجهول الذي احترنا في كشفه ؟

القرآن تحدى العالم أجمع بخلق ذبابة .. يا للعجب … ذبابه؟ … نعم

لو أجتمع كل علماء الكون كله من قبل ومن بعد على خلق ذبابة ما استطاعوا

الحَجُّ قرآن كريم
قال الله تعالى
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

فأين الملحد الذي لا يقر بوجود الله واين الذين يؤمنون أن يسوع هو الله ؟ فليأتوا به ويكذب القرآن المنزل من عند الله ، ويخلق لنا جناح ذبابة

والعجيب أن الإنسان قد وصل القمر وقد يصل إلى أبعد من القمر.. ولكنه عاجز أن يخلق جناح ذبابه حتى الآن.

قال تعالى :(( ضعف الطالب والمطلوب ))

فالله عز وجل أقر بأنه هو الله وأن من قال أنه هو المسيح ابن مريم فقد كفر .. وإذا كان المسيح ابن مريم هو الله كما يدعي اهل الصليب .. فليأتي المسيح عليه السلام إن استطاع ! ويثبت أنه هو الله وما جاء بالقرآن باطل … وطالما عجز المسيح ابن مريم عليه السلام أن يتحدى القرآن وما جاء به بأن الله ليس هو المسيح ابن مريم ، وكذا عجز أن يخلق ذبابة.. فيبقى الله هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد .. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
ونأتي بعد ذلك لأمر آخر ، علما من علوم الله عز وجل

هو علم الأجنة

فلننظر إلى قول الحق سبحانه وتعالى
قال الله تعالى
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِّنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا العِظَامَ لحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ
[المؤمنون12-14]


الإِنْسَان آية رقم : 2
قال الله تعالى
إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
وكما ذكرت من قبل أن العلماء قاموا بتحليل جسد الإنسان فوجدوه مكوناً من ستة عشر عنصراً .. أولها الأوكسجين .. وأخرها المنجنيز .. ووجدوا أن القشرة الأرضية مكونة من نفس العناصر .

وإذا كنا نريد إعجاز أقوى في هذا الصدد .. فلننظر ماذا قال القرآن في علم الأجنة … علم تكوين الجنين في بطن أمه ..

هل تناول أحدّ هذه المسألة قبل القرآن ؟
هل تناول أحدّ هذه المسألة في عصر القرآن ؟
هل تناول أحدّ هذه المسألة بعد القرآن بفترة ؟

أبداً

أول من تحدث عنها هو القرآن … وأعطانا ما هو غائب عنا … لأن خلقنا هو غيب عنا ، فكون الله سبحانه وتعالى يأتي في قرآنه ويعطنا مراحل تكوين الجنين .. فهذه آية من آيات عظمته وقدرته .

يقول الله عز وجل وهو أصدق القائلين في أطوار الجنين :
سورة المؤمنون
قال تعالى
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ – ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا العِظَامَ لحْمًا

فالآية الكريمة تتحدث عن تكوين الجنين ، فهو نطفة ، أي : مني الرجل الذي يصب رحم المرأة ، ثم علقة .. أى : دم جامد ، ثم مضغة .. أي: قطعة من اللحم ، ثم عظم صغير ، ثم يكسي العظم باللحم الذي يغطيه .. ليصير بعد ذلك بشراً سويا .

الجنين الكامل القزم كما تخيله أرسطو


صور تبين تطور الجنين عند الانسان من الخلية حتى يصبح جنينا كاملا

وعلم الأجنة ما عرفه الناس إلا حديثاً .. والقرآن كما قلنا من قبل هو كلام متعبد بتلاوته.. ولا تبديل فيه ولا تغيير .. أي أن القضية التي يذكرها ستبقى كما هي إلى آخر الدنيا .. فعندما يأتي القرآن ويخبر بهذا فكأنه يتحدى العلم والعلماء .. إلى يوم القيامة .. يقول لهم هذا هو تكوين الجنين في بطن أمه .. وأنا أذكره لكم وأذكر مراحله بالتفصيل .. لم يشهده أحد من البشر حتى ساعة نزول القرآن .. ولا حتى بعد نزوله بمئات السنين .. ولكن أسجله لتعلموا عندما أعطيكم من العلم ما تستطيعون به معرفة أطوار الجنين .. لتعلموا أن القائل هو الخالق .. لأنه لا يمكن لأحد أن يقول هذا الكلام وأن يتحدى بصحته على مر العصور .. وأن يخترق الحجب ليروى شيئاً لم تكن البشرية تعرفه أو تعلم به ..إلا أن يكون ذلك هو الله .. وإلا فكيف يأمن أي إنسان ؟



أي بشر مهما بلغ من العلم .. كيف يأمن أنه بعد عشرات السنين .. أو مئات السنين لن يأتي ما يناقض هذا الحديث ؟ .وما يثبت عدم صحته ..

فإذا لم يكن الحديث هنا عن الله .. وإذا لم يكن عن يقين كامل .. فكأن القرآن قد أعطى معه وسيلة هدمه .. كان يكفي أن يقول اي إنسان إن القرآن يقول هذا عن أطوار الجنين .. وقد ثبت التقدم العلمي أنه غير صحيح .. كان يكفي أن يقال هذا ليهدم قضية الدين من أساسه .. ويكون القرآن قد أعطى للكفار أقوى سلاح يهدمونه به .. فالذي كشف علم الأجنة متأكد تماماً أن ما يقوله هو الحق .. وأن تطور العلم مهما جاء فإنه لن يأتي ليناقض هذا الكلام .. ولقد أثبتت أحدث البحوث عن الجنين .. صحة ما ذكره القرآن منذ أربعة عشر قرناً .. ولم تختلف عنه .. في أي تفصيل من التفصيلات .. رغم أن هذا كان أمراً غيبياً .. وأمراً لم يتحدث عنه أي إنسان قبل أن يأتي القرآن .. ومع ذلك فقد ذكره القرآن بالتفصيل .. وحدد أطواره وجاء بالعلم بعد ذلك ليثبت هذه الحقيقة .. إذن فلابد أن قائل القرآن هو الله .. لأن الذي يعلم يقينا هو الله وحده .


هذا مصدر بالصوت والصورة يعترف من خلاله العلماء بمعجزة القرآن في علم الجنة ومنهم من اعلن اسلامه … انقر هنــــا
ولا شك أن الحديث في تمزيق حجاب المستقبل لا ينتهي ولكنني سأذكر معجزة أخيرة ننهي بها هذا الحجاب


يأتي الله سبحانه وتعالى ليرينا كيف يعالج قضية هامة تناسب عقول الذين عاصروا نزول القرآن إلى الأرض .. وتفكير كل الأجيال القادمة

يقول الله سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين
النَّحْل آية رقم : 8

قال تعالى

وَالخَيْلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً


أي أن الله وهو يتحدث عن نعمة قد حدد للإنسان ما خلقه له .

ولكن هل هذا هو نهاية المطاف ؟

لو إنني أفكر بتفكير ذلك العصر .. العصر الذي نزل فيه القرآن لقلت إنها نهاية المطاف .. ولكن الله يعلم أن الإنسان سيركب السيارة والصاروخ والطائرة … وأن كل جيل سيختلف عن الجيل الآخر بوسائل التنقل .. فكيف يسجل ذلك دون أن يقول ما هو فوق عقول الناس في ذلك الوقت .. وما قد يذهب الإيمان في نفوسهم … يقول الله سبحانه وتعالى :

النحل آية رقم : 8
قال تعالى

وَالخَيْلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ


أترى بلاغة القرآن .. قد سجل علم الله وفي نفس الوقت احتفظ به غيباً على الذين عاصروا نزول القرآن …(((( وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُون))))


هنا معناها أن الله يوضح لخلقه أن ما ذكره ليس هو نهاية المطاف .. ولذلك يوضح الله عز وجل أنه يقول لخلقه الذي عاصروا نزول القرآن أنه من الآن : إن هذه هي وسائل تنقلكم ، ولكنني سأخلق في الأجيال القادمة ما لا تعلمون أنتم … وسأخلق للأجيال التي بعدها ما لا تعلمه الأجيال القادمة .. وهكذا الى نهاية الدنيا .. ومن هنا فقد سجل القرآن التطور الذي سيحدث .. وفي نفس الوقت احتفظ بعبارته في مستوى العصر الذي نزل فيه .

ألا يكفي هذا للسجود لله لشكره وحمده على نعمة الإسلام
ألا يكفي هذا لكي نصلي ونسلم على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

أرسله الله عز وجل رحمةٍ للعالمين

قال تعالى
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحمَةً لِلْعَالَمِينَ
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ

إرسال تعليق

 
Top