0
مر بمحن يشيب لها الولدان بسبب إسلامه فصبر واحتسب  
أسلم على يديه كثيرون لحسن منطقه وصلابة مواقفه
دافع عن جارك إن كنت تريد عيشًا آمنًا


من عائلة متوسطة الحال في تنزانيا.. كان حلم والديه أن يصبح أسقفا في كنيسة المدينة التي يعيشون فيها.. من صغره عمدوه وأرسلوه إلى مدرسة داخلية، وظل الوالدان يثيران فيه الرغبة ليصبح قسيسا ثم جعلوه خادم المذبح في القُدَّاس، ناظرين إليه بفخر واعتزاز وهو يساعد كاهن الكنيسة بتحضير  «جسد ودم» المسيح !

بعد أن أتم دراسته الجامعية والتحق بالكنيسة محققًا رغبة والديه وفي عمر الخامسة والعشرين تحديدًا قرر والده أن يرسلوه إلى إنجلترا ليدرس الكهنوت على أصوله ويعود لتنزانيا بمكانة أرفع، بالفعل سافر إلى إنجلترا عام 1964 للحصول على الدبلوم في إدارة الكنائس، وبعد ذلك بسنة ذهب إلى ألمانيا للحصول على البكالريوس، وبعودته بعد عامٍ أصبح أُسقفًا عاملًا، لكن مارتن جون موايبوبو الدارس الذي يعمل عقله ولا يتبع الآخرين قرأ بتعمق ما تنادي به الأديان السماوية، كما درس البوذية وأبحر في رحلة الحقيقة، حيث لا رجوع إلا بهدى من الله.

رحلته العلمية الثالثة كانت إلى الولايات المتحدة حيث الدكتوراه، فقد تعمق أكثر في مقارنة الأديان ورأى أن الإسلام هو دين الفطرة.. يقول موايبوبو: «حين فتحت القرآن الكريم كانت الآيات الأولى الَّتي أقرأها هي سورة الإخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وكأنها كانت كلمة السر، كان هذا هو الوقت الذي بدأت فيه بذور الإسلام بالنموِّ، وهو الدِّين غير المعروف بالنِّسبة إليه، وفي ذلك الوقت اكتشف أنَّ القرآن الكريم هو الكتاب المقدَّس الوحيد الَّذي لم يُشوِّههُ الإنسان منذ الإيحاء به.

تردد مارتن جون موايبوبو في كسر خاطر والديه بتحوله عن المسيحية وفقد المكانة التي تنتظره حين يعود لكنيسته، وذات مرة حدق في عين أستاذه المشرف على رسالته  فان بيرغر وسأله فجأة: أي الأديان أصوب؟ فقال الرجل المسيحي بجرأة: الإسلام، فسأله مارتن ولماذا لا تتحول إليه؟ فصارحه الرجل: كي لا أفقد كل ما تراه من امتيازات، وكي لا أعادي هؤلاء الذين يتبعوني عندما ينقلبون ضدي.

 عاد مارتن إلى تنزانيا حاملًا درجة الدكتوراه، وليس أسقفا هذه المرة، ولكن رئيسًا للأساقفة وتهللت أسارير والديه، واستقبله أهل البلدة بحفاوة وفخر، لكن النور كان قد تسلل إلى قلبه والغمة كانت قد انقشعت من على عينيه، وكل شيء هان في سبيل الحق وكلمة الحق، قابل أحد معارفه المسلمين وهو الشيخ أحمد شيخ، وصارحه بما ينتويه فشجعه الرجل، وفي ليلة 23 ديسمبر عام 1986 وأثناء الاحتفالات، استعدادًا للكريسماس أعلن مارتن لجماعة المصلِّين أنَّه سيترك المسيحيَّة لدخول الإسلام.. كان حشد المصلِّين في حالة شللٍ تامٍّ للصدمة الَّتي أصابتهم لسماع هذا الخبر، إلى درجة أنَّ مساعد الأُسقف قام من مقعده فأغلق الباب والنوافذ، وصرَّح لأعضاء الكنيسة بأنَّ رئيس الأساقفة جُنّ.

أما المصلِّون فقد اتَّصلوا بقوات الأمن لأخذ الرَّجل «المجنون»، فتحفَّظوا عليه في الزنزانة حتَّى منتصف الليل، إلى أن جاء أحمد شيخ وكفله لإطلاق سراحه، ويحكي مارتن الَّذي سمى نفسه  الحاج أبوبكر جون موايبوبو في مركز وايبانك الإسلاميِّ في ديربان، مواقف مر بها يشيب لها الولدان، ومع ذلك صبر واحتسب.

 في البداية قامت الكنيسة بتجريده من بيته وسياراته، ولم تستطع زوجه تحمُّل ذلك فحزمت حقائبها وأخذت أولادها وتركته، وذلك على الرغم من تأكيد موايبوبو لها أنَّها ليست مُلزمةً بدخول الإسلام، وعندما ذهب إلى والديه طلبا منه انتقاد الإسلام علانيةً، يقول: «لقد كانا كبيريْن بالسنِّ، ولم يكن لديهما العلم أيضًا، حتَّى إنَّهما لم يكن باستطاعتهما قراءة الإنجيل، لقد سامحتهما، ولكني طلبت منهما البقاء في المنزل لليلةٍ واحدة، وفي اليوم التَّالي سافرت- إلى كاييلا- على الحدود بين تنزانيا ومالاوي، وخلال رحلتي توقفت في بروسيل والتقيت بعائلة راهبة كاثوليكيَّةٌ اسمها الأخت جيرترود كيبويا (تُعرف الآن باسم الأخت زينب) استضافتني هذه العائلة ليلة، وفي الصباح رفعت الأذان للصَّلاة، وهو الشيء الَّذي جعل القرويِّين يخرجون من منازلهم سائلين مضيفي كيف يؤوي رجلًا «مجنونًا».

الرَّاهبة أوضحت لهم أنِّي لست مجنونًا بل مسلم، سألتها: لماذا ترتدي الصَّليب في سلسلةٍ على صدرها، فأجابت: لأنَّ المسيح قد صُلب عليه، قلت لها: ولكن، لنَقُل إن أحدهم قتل أباك ببندقيَّةٍ، فهل كنت ستتجوَّلين حاملةً البندقيَّة على صدرك؟ جعل ذلك الراهبة تفكِّر، وحارت في الإجابة، وحين عرضت عليها الزواج، كان جوابها بالإيجاب، فتزوَّجنا سرًّا،وسافرنا معًا إلى كاييلا».

انتقل موايبوبو من رفاهية العيش إلى بيتٍ مبنيٍّ من الطِّين، وبدلًا من راتبه الكبير كعضوٍ في المجلس الكنسيِّ العالميِّ بدأ يكسب قوته كحطَّابٍ وحرَّاثٍ لأراضي الآخرين، وفي الأوقات الَّتي لم يكن يعمل فيها كان يدعو إلى الإسلام علانية، ممَّا قاده إلى سلسلةٍ من الأحكام القصيرة بالسِّجن لعدم احترام المسيحيَّة.

ومما تعرض له أيضًا أنه كان يؤدِّي فريضة الحجِّ في عام 1988، عندما فجروا بيته، فاحترق أطفاله التوائم الثلاثة بينما نجت والدتهم بقدر الله، وبدلًا من أن يحبطه ذلك دفعه إلى المزيد، لأنَّ عدد الَّذين كانوا يعلنون إسلامهم على يديه كان في ازدياد، وكان منهم حموه (والد زوجته) .

وفي عام 1992 اعتُقِل لمدَّة عشرة أشهرٍ مع سبعين من أتباعه، واتُّهموا بالخيانة، وكان ذلك بعد تفجير بعض محلات بيع لحم الخنزير الَّتي كان قد تحدَّث ضدَّها، لقد تحدَّث فعلًا ضدَّها، وقد بُرِّئت ساحته، وبعد ذلك مباشرةً هاجر إلى زامبيا منفيًّا.

 
رسالة الحاجِّ أبي بكر موايبوبو إلى المسلمين

«هناك حرب على الإسلام.. وقد أغرقوا العالم بالمطبوعات، والآن بالتحديد يعملون على جعل المسلمين يشعرون بالعار بوصفهم لهم بالأُصوليِّين، فيجب على المسلمين ألا يقفوا عند طموحاتهم الشَّخصيَّة، ويجب عليهم أن يتَّحدوا، فعليك أن تدافع عن جارك إن كنت تريد أن تكون أنت في أمان».

 
ــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- صحيفة المسلمين الصادرة في 19 / 6 / 1992.
- موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

إرسال تعليق

 
Top