0

وهي طفلة كانت ممثلة تعمل مع نجوم هوليوود، لكنها قررت فجأة أن تتوقف عن كل شيء بعد أن اعتنقت الإسلام، لماذا؟ هذا هو السؤال الذي طرحته مجلة "ماري كلير" في عددها الأخير على "ميريام فرنسوا سيرا" -27 سنة- وغيرها من اللاتي أشهرن إسلامهن.. تقول المجلة: بعينيها الزرقاوين ولهجتها الإنجليزية الواضحة وحجابها الإسلامي وهمساتها في بار سوشي بلندن في كينجز روود، طفلة هوليوود الممثلة التي تربت على البساط الأحمر، وعملت مع كيت وينسليت وإيما تومبسون توقفت فجأة عن الحياة التي كانت تعيشها.. غيرت ملابسها وكعبها العالي؛ لكي تصبح مسلمة ترتدي الحجاب في كل مكان عام، وفي أي وقت من أجل صلواتها الخمس.

تقول ميريام وهي تبتسم: إن صلاتي المفضلة هي الفجر، هناك شيء يكون بين الإنسان وربه في ذلك التوقيت الذي يكون فيه الناس جميعًا نيامًا، وميريام التي ارتدت الحجاب لأول مرة منذ ست سنوات ارتدت "إيشارب" والدتها أثناء دراستها في جامعة كامبريدج تقول: إنها تعتبر إسلامها شيئًا خارقًا وخارجًا عن إرادتها.

وإن الحجاب يساعد النساء في التعامل مع الناس والعامة بدون النظر إليهن بنظرة جنسية، تضيف: لقد بدأت أدرس وأتعلم الإسلام عندما كنت أتعلم اللغة العربية في الجامعة، وكنت أقول: حاسبوني على ما أقول وليس على مظهري، وكانت هذه هي الطريقة التي جعلت الجميع يتعامل معي بها.

بالنسبة لكثيرين فإنه من الصعب أن يصدقوا لماذا تختار امرأة متحررة أن تعتنق الدين الإسلامي الذي تعاني من خلاله النساء الكثير من الضغوط، بالرغم من أن عدد نساء الطبقة الوسطى تحت سن الأربعين المعتنقات الإسلام مرتفع جدًّا، والمساجد من لندن إلى ليسيستر تعمل الكثير من أجل النساء، والمفاجأة أن الكثيرين ممن يعتنقون الإسلام اليوم من النساء، يقول جعفر حسين -باحث في أحد بيوت التفكير الإسلامية في بريطانيا-: إنه اختيارهن، الكثيرون يقولون عن الإسلام إنه ضد المرأة، لذلك فهو شيء غريب أن نرى النساء يبتعدن عن حياتهن وعن ارتداء الميني والملابس القصيرة من أجل البرقع والحجاب، إذن هو اختيار المرأة من خلال نشأتها وثقافتها وتعلمها، الكثيرات يعتنقن الإسلام بوعود كثيرة بأنهن سيحصلن على فرص عمل جيدة وعائلات سعيدة وحرية جنسية، ثم بعد ذلك ينظرن بشكل أعمق للأشياء.

تضيف المجلة: إن هذا ما حدث بالفعل في حالة كريستيان بيكر أشهر مذيعات قناة "إم. تي. في" الموسيقية، فقد قضت حوالي عشرين عامًا من حياتها وهي تحب ليني كرافيتز وقضت الليالي في الحانات ورقصت على أنغام بوفي وسافرت إلى الكثير من دول العالم، وارتدت الكثير من الملابس المثيرة، لكنها توقفت عن كل هذا واعتنقت الإسلام في بداية أعوامها الثلاثينيات.. نقطة التحول في حياة كريستيان التي نشأت في عائلة بروتستانتية عادية كانت لقاءها مع لاعب الكريكيت الباكستاني المسلم عمران خان، وتقول كريستيان: أنا كنت في قمة شهرتي في عملي، وعمران أخذني معه إلى باكستان، وشاهدت هناك دفء الإيمان وحب الشعب الباكستاني للإسلام.. أحببت الفن المغولي والموسيقى الصوفية، وبدأت أدرس كتبًا عن الإسلام.. هذه الأشياء دفعتني إلى الإسلام.

علاقة كريستيان وعمران خان انتهت.. لكن علاقتها بالإسلام لم تنته، وتقول: عندما انتهت علاقتنا قررت أن أعتنق الإسلام رسميًّا وأشهره في أحد مساجد لندن، لكن هذا التغيير لم يكن سهلاً؛ فقد صدمت عائلتي ووسائل الإعلام فوجئت بقراري ومساء يوم إشهاري لإسلامي فقدت عملي، واليوم كتاب كريستيان "من إم. تي. في إلى مكة" حقق مبيعات كبيرة، وهي نفسها أصبحت أحد وجوه دعاية مساجد لندن للإسلام لجذب وجوه جديدة. تستكمل كريستيان: نعم أنا كنت أحب احتساء الشامبانيا وأيامي في "إم. تي. في" كانت رائعة وجميلة، لكن الآن مسافة بعيدة بين الأمس واليوم، ومع ذلك أنا أرتدي ملابس على الموضة محتشمة، وأضع الإيشارب في صلاتي.. أنا في أعمق درجات السعادة.

كيفين برايس من مركز أبحاث سياسة الهجرة في جامعة سوانسي، درس الكثير من حالات البريطانيات اللاتي اعتنقن الإسلام، ويقول: إن الإسلام ينادي بقوة على هؤلاء البريطانيين الذين غيروا معتقداتهم الدينية مثل كريستيان، ويضيف: نعم، الكثيرون يبحثون عن إجابة لهذا التغيير الذي يحدث في الثقافة، إن الإسلام دين بناء على الرغم من الكثير من الممنوعات التي تحمل مصطلح: لا تقرب، ولا تفعل، إنها مفاجأة كبيرة للمجتمع البريطاني المتحرر أن يكون هناك أشخاص غير سعداء وهم على دينهم، وعلى الرغم من أن الكنائس تقوم بالكثير من التنازلات التي لم يفعلها الإسلام، فإن الإسلام دين بناء ينادي الأشخاص الذين يبحثون عن اتجاه، الأشخاص الذين عاشوا ومارسوا حياتهم بكل حرية في المجتمع الغربي ويبحثون عن أسس جديدة للحياة.

غالبية النساء اللاتي اعتنقن الإسلام أصبحن يتحكمن في أنفسهن كنساء بدون أن يكون عليهن أن يستخدمن التقاليد التي يعيشها المجتمع الغربي، مثل مستحضرات التجميل والملابس المثيرة.

البريطانية المولد الكاثوليكية سارة جوزيف التي عاشت في كينجز روود منذ 1970م تقول: لقد كنت كاثوليكية حتى عامي الـ17، وعندما اعتنق شقيقي الإسلام ليتزوج كنت غاضبة منه؛ لذلك قررت أن أدرس هذا الدين بنفسي لكي أرى لماذا ترك شقيقي المسيحية وأرى الفرق بينهما! كنت أبحث عن طريقة لحياتي أجعلها تعلو وتسمو، ووجدت هذا الدين الذي جعلني أعثر عما أبحث عنه، فهو يعلم كيف يجب أن نعتقد في الله ونعيش حياة سعيدة. وتقول سارة: إن هناك قوة خارقة تتسرب إلى نفسها لدى احتضانها للقرآن.. "القرآن به الكثير بالنسبة للنساء، فهو خصص لهن حقوقًا ورتب لهن حياتهن في المجتمع، ينظر إلى المرأة نظرة أكبر من أن تكون أداة جنسية فقط.. حدد للنساء مسئولياتهن في المجتمع". الصدمة أن والدة سارة تمتلك وكالة لعارضات الأزياء، وتتعامل مع أسماء كبيرة في هذا المجال مثل ناعومي كامبل وكاثرين بيلي، وقد تربت في منزل كانت الموضة والجمال به جزءًا كبيرًا في حياتها؛ لذلك لم تكن والدتها تضع في حساباتها قرارها في ارتداء الحجاب؛ لأنه كان خارج إطار تفكيرها.

تتذكر سارة: لقد كان قراري صعبًا جدًّا على عائلتي وفي حياتي؛ ففي الشهور الأولى بعد اعتناقي الإسلام كنا في شجار دائم، وبالنسبة لجدتي كان شيئًا غريبًا جدًّا عليها.

إن النساء اللاتي يعتنقن الإسلام يجدن أنفسهن ممزقات بين عالمين، وأن هناك عناصر في العالمين يلقين بهن بعيدًا.

صوفيا تيللي كانت تعيش حياة مرفهة جدًّا، اختارت أن تعتنق الإسلام وهي في سن الثامنة عشرة، وكان ذلك بعد انتقالها إلى اليمن لدراسة اللغة العربية كجزء من دراستها في جامعة أدنبرج، تقول: أنا أحب اللغة العربية والإسلام، لكنني لم أجد نفسي في الإسلام لأبدأ معه، كنت أعيش في أسرة متوسطة، فكرت: هل أنا أحب المتعة أم أنا أحب الإسلام والحجاب، فأنا كنت فتاة محبة للحفلات، وكنت أحارب كل شيء في الإسلام أجده ضد ثقافتي، ولكن صوفيا التقت مع مجموعة من المسلمين الصوفيين في الجامعة ساعدوها على أن تجد طريقها في الإيمان.

الصوفية -كما قالوا لها- روحانية، وأن الإسلام هو الحب والتوحيد لكل الأشياء، وتتذكر صوفيا أنها عندما كانت في مدرسة إسلامية - أرثوذكسية كانت تذهب إليها من الساعة الثالثة فجرًا يوميًّا وتقضي بها اليوم كله حتى المساء، كانت ترتدي النقاب كاملاً، وعندما عادت إلى لندن كان عليها أن تصلي خمس مرات في اليوم، وتصوم شهر رمضان بمفردها، وبدون مساندة من أحد في مجتمعها.

وتعود المجلة مرة أخري إلى ميريام فرنسوا وتقول: إنها معجبة بحجابها، ولا تهتم بالنظرات الغريبة لها التي -كما تقول- تراها في عيون الناس باستمرار في الأتوبيس وفي مترو لندن، وتشعر أن كل من يجلس بجوارها يريد أن يسألها لماذا قام شعبك ومن يعتقدون مثلك بتفجير برجي مركز التجارة العالمي، وحتى بعض الناس سألوها لماذا أصبحت عربية؟

سارة جوزيف أيضًا أصبحت تدافع عن مكانة المرأة في الإسلام، وفي ظل الأنظمة الإسلامية مثل طالبان في أفغانستان وبلدان مثل مالي والصومال، كثيرون يتعاملون مع المرأة على أنها مواطنة من الدرجة الثانية ممنوعة من التعليم والمراكز القيادية وتسجن بعد زواج يتم غصبًا عنها، وكل ذلك يتم تحت مسمى الدين، تقول سارة: نعم هناك دول تستخدم الدين كطريقة لقمع النساء وإباحة الإرهاب، لكن السبب في ذلك هو ثقافتهم وليس الإسلام.

كيفين برايس يقول: إن نسبة عريضة من النساء اللاتي يرتدين الخمار الكامل في المملكة المتحدة هن معتنقات للإسلام، ومعظم أزواجهن لا يحبونهن، لكنهن حرائر في اختيارهن.

أما بالنسبة إلى مريم التي كانت وهي طفلة فنانة تعلم ما يجب أن تفعله جيدًا في مظهرها، والإسلام قد سمح لها بأن تخفي ما تخاف عليه، فتقول: الأنوثة في دمي، لكن بعض الناس يرون في ذلك شيئًا غريبًا، لكن بالنسبة لي فإن أصبح امرأة مسلمة يعني أني امرأة سعيدة.

المصدر: موقع المرصد الإسلامي.

إرسال تعليق

 
Top