(وزارة الأوقاف – المجلس الأعلي للشئون الإسلامية )
http://www.islamic-council.com/qadaiaux/def1.asp
- الكلام المفكك
جاء
فى سورة الإسراء: (وقرآنًا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه
تنزيلا ) (1). (وقرآنا فرقناه) : نزلناه مفرقاً منجماً " فإنه نزل فى
تضاعيف عشرين سنة " (لتقرأه على الناس على مكث): على مهل وتؤدة. فإنه أيسر
للحفظ وأعون على الفهم (ونزلناه تنزيلا) حسب الحوادث ، بعد هذه المقدمة
قالوا:
"
كيف يكون القرآن وحياً ، وهو متقطع مفرق يأتى بعضه فى وقت ، ويتأخر بعضه
إلى وقت آخر ، لقد كان محمد يرتبك عندما كان العرب أو اليهود أو النصارى
يسألونه. وأحياناً كان يحتج بأن جبريل تأخر.
الرد على الشبهة:
إنهم
يستبعدون أن يكون القرآن وحياً لأنه لم ينزل مرة واحدة. فنزوله مفرقاً على
مدى ثلاث وعشرين سنة ينفى عنه كونه وحياً من عند الله ، هذه واحدة ويثبت
أنه كلام مفكك ، وهذه ثانية ونقول لهم على وفق طريقتهم:
ونحن نسأل:
من
أين لكم هذا الدليل ؟ أَنَزل عليكم وحى من الله قال لكم فيه: إن كل وحى من
عندى يكون نزوله دفعة واحدة. وكل ما خالف هذا لا يكون وحياً ؟ ! هاتوا
برهانكم إن كنتم صادقين. هذا عن الأولى.
أما عن الثانية ، فمن يجاريكم من العقلاء على هذا المعيار الذى وضعتموه لمعرفة الكلام المفكك الذى تتهمون كلام رب العالمين به ؟
إن
الكلام المفكك عند العقلاء هو الكلام الذى لا يناسب بعضه بعضاً ، لا من
حيث المفردات والتراكيب ولا من حيث المعانى والدلالات. وهذا معيار عام لا
يخص كلاماً دون كلام ، فمن الناس من يكتب كتاباً فى سنة ، أو خمس ، أو عشر ،
ويأتى ما كتبه آية فى الجودة والإتقان. ولو قدر لإنسان أن يكتب كتاباً من
مائة صفحة فى ساعة أو ساعتين أو ثلاث لجاء كتابه " تخاليط " يصد عنه الناس.
والقرآن
، الذى نزل مفرقاً فى ثلاث وعشرين سنة ، ليس له مثيل ولا حتى مقارب فى
إحكام نسجه ، وتآلف نظمه وصحة معناه وصفاء عباراته ، وسلامة لغته من كل عيب
أو قصور.
كتاب
قطع عمراً من الدهر يقترب من الألف ونصف الألف من السنين ، ومع هذا فهو
كتاب كل عصر سام فوق كل كلام قيل بعده أو قبله أو فى عصر نزوله و معانيه
تكشف للناس فى كل عصر سبقاً فى ميادين المعرفة يذهل ويدهش. وكفاه فضلاً
سبقه للحضارات الحديثة فى مختلف ميادين المعرفة العلوية والأرضية وما بين
السماء والأرض ، وما فى أعماق الأنهار والبحار والمحيطات ، وما فى أعماق
الأرض.
وكل هذا وفاء بالوعد الإلهى ، الذى ورد فى القرآن:(سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) (2).
إن
القرآن الذى تفترون عليه هو كتاب الوجود كله ، كم حاول الحاقدون قبلكم
ومعكم أن يحدثوا فيه شرخاً فأعياهم ، وبقى هو كلمة الله العليا السابحة فى
الآفاق يتحدى تعاقب الدهور والعصور ، وهو المنارة الشامخة يتلألأ ضوؤها
ماحياً حيالك الظلام. (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له
عوجا * قيماً لينذر بأسا شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون
الصالحات أن لهم أجراً حسناً * ماكثين فيها أبداً * وينذر الذين قالوا اتخذ
الله ولدا * ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن
يقولون إلا كذبا ) (3).
المراجع
(1) الإسراء: 106.
(2) فصلت: 53.
(3) الكهف: 1- 5.
إرسال تعليق