السؤال :
أرجو
أن تجيب على هذا السؤال فهو مهم بالنسبة لي ، فقد كنت أقرأ في صفحة معادية
للإسلام على الإنترنت حيث قال أحد النصارى بأن الشيخ السجستاني قال في
كتابه " المصاحف " بأن الحجاج قد غيَّر في حروف المصحف وغيَّر على الأقل
عشر كلمات ، يدَّعي بأن السجستاني قد ألَّف كتاب اسمه " ما غيَّره الحجاج
في مصحف عثمان " وقد ادَّعى هذا النصراني بأنَّه جمع الكلمات العشر التي تم
تغييرها باللغة العربية .
حاولتُ الحصول على نسخةٍ من هذا الكتاب دون
جدوى فأرجو التوضيح ، فأنا لا أتخيَّل أنَّ جميع العلماء والحفَّاظ يسمحون
لشخصٍ بأن يغيِّر القرآن ولا يقولوا شيئاً ، حتى ولو أن السجستاني روى هذا .
هذا
الأمر لا يُعقل أبداً لأننا لسنا كاليهود والنصارى لا نحفظ كتابنا ونتركه
لرجال الدين ، فالمسلمون يحفظ كثير منهم القرآن وكلهم يتلوه فلا يعقل أن لا
يلاحظ أحد الفروق والاختلافات .
الجواب:
الحمد لله ،
ما جاء في السؤال نقلاً عن كتاب " المصاحف " لابن أبي داود : فإليك الرواية فيه والحكم عليها :
عن عبَّاد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً ، قال : كانت في البقرة : 259 { لم يتسن وانظر } بغير هاء ، فغيرها " لَم يَتَسَنه " .
وكانت في المائدة : 48 { شريعة ومنهاجاً } ، فغيّرها " شِرعَةً وَمِنهاجَاً ".
وكانت في يونس : 22 { هو الذي ينشركم } ، فغيَّرها " يُسَيّرُكُم " .
وكانت في يوسف : 45 { أنا آتيكم بتأويله } ، فغيَّرها " أنا أُنَبِئُكُم بِتَأوِيلِهِ " .
وكانت في الزخرف : 32 { نحن قسمنا بينهم معايشهم } ، فغيّرها " مَعِيشَتَهُم " .
وكانت في التكوير : 24 { وما هو على الغيب بظنين } ، فغيّرها { بِضَنينٍ }… الخ ..
كتاب " المصاحف " للسجستاني ( ص 49 ) .وهذه
الحمد لله ،
ما جاء في السؤال نقلاً عن كتاب " المصاحف " لابن أبي داود : فإليك الرواية فيه والحكم عليها :
عن عبَّاد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً ، قال : كانت في البقرة : 259 { لم يتسن وانظر } بغير هاء ، فغيرها " لَم يَتَسَنه " .
وكانت في المائدة : 48 { شريعة ومنهاجاً } ، فغيّرها " شِرعَةً وَمِنهاجَاً ".
وكانت في يونس : 22 { هو الذي ينشركم } ، فغيَّرها " يُسَيّرُكُم " .
وكانت في يوسف : 45 { أنا آتيكم بتأويله } ، فغيَّرها " أنا أُنَبِئُكُم بِتَأوِيلِهِ " .
وكانت في الزخرف : 32 { نحن قسمنا بينهم معايشهم } ، فغيّرها " مَعِيشَتَهُم " .
وكانت في التكوير : 24 { وما هو على الغيب بظنين } ، فغيّرها { بِضَنينٍ }… الخ ..
كتاب " المصاحف " للسجستاني ( ص 49 ) .وهذه
الرواية ضعيفة جدّاً أو موضوعة ؛ إذ فيها " عبَّاد بن صهيب " وهو متروك الحديث .
قال
علي بن المديني : ذهب حديثه ، وقال البخاري والنسائي وغيرهما : متروك ،
وقال ابن حبان : كان قدريّاً داعيةً ، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها
المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع ، وقال الذهبي : أحد المتروكين .
انظر " ميزان الاعتدال " للذهبي ( 4 / 28 ) .
ومتن
الرواية منكر باطل ، إذ لا يعقل أن يغيِّر شيئاً من القرآن فيمشي هذا
التغيير على نسخ العالم كله ، بل إن بعض من يرى أن القرآن ناقص غير كامل من
غير المسلمين كالرافضة - الشيعة – أنكرها ونقد متنها :
قال
الخوئي – وهو من الرافضة - : هذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين وخرافات
المجانين والأطفال ، فإنّ الحجّاج واحدٌ من ولاة بني أُمية ، وهو أقصر
باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ ، بل هو أعجز من أن يغيّر شيئاً
من الفروع الإسلامية ، فكيف يغير ما هو أساس الدين وقوام الشريعة ؟! ومن
أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الإسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها
؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه ، ولا ناقد في نقده مع ما
فيه من الأهمية ، وكثرة الدواعي إلى نقله ؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من
المسلمين في وقته ؟ وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج
وانتهاء سلطته ؟ وهب أنّه تمكّن من جمع نسخ المصاحف جميعها ، ولم تشذّ عن
قدرته نسخةٌ واحدةٌ من أقطار المسلمين المتباعدة ، فهل تمكّن من إزالته عن
صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلاّ الله .
" البيان في تفسير القرآن " ( ص 219 ) .
وما
نقله السائل عن الإمام السجستاني من أنه ألَّف كتاباً اسمه " ما غيَّره
الحجاج في مصحف عثمان " : غير صحيح بل كذب ظاهر ، وكل ما هنالك أن الإمام
السجستاني ترجم للرواية سالفة الذكر عن الحجاج بقوله : ( باب ما كتب
الحجَّاج بن يوسف في المصحف ) .
وعلى
هذا فإنه لا يمكن أن يعتمد على هذا الرواية بحال من الأحوال ، ويكفي في
تكذيبها أنه لم يثبت حتى الآن أن أحداً نجح في محاولة لتغيير حرف واحد ،
فلو كان ما روي صحيحاً لأمكن تكراره خاصة في عصور ضعف المسلمين وشدة الكيد
من أعدائهم ، بل مثل هذه الشبهات التي تثار هي أحد الأدلة على بطلان هذه
الدعاوى ، وأن الأعداء قد عجزوا عن مقارعة حجج القرآن وبيانه فلجؤوا للطعن
فيه .
قال
علي بن المديني : ذهب حديثه ، وقال البخاري والنسائي وغيرهما : متروك ،
وقال ابن حبان : كان قدريّاً داعيةً ، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها
المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع ، وقال الذهبي : أحد المتروكين .
انظر " ميزان الاعتدال " للذهبي ( 4 / 28 ) .
ومتن
الرواية منكر باطل ، إذ لا يعقل أن يغيِّر شيئاً من القرآن فيمشي هذا
التغيير على نسخ العالم كله ، بل إن بعض من يرى أن القرآن ناقص غير كامل من
غير المسلمين كالرافضة - الشيعة – أنكرها ونقد متنها :
قال
الخوئي – وهو من الرافضة - : هذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين وخرافات
المجانين والأطفال ، فإنّ الحجّاج واحدٌ من ولاة بني أُمية ، وهو أقصر
باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ ، بل هو أعجز من أن يغيّر شيئاً
من الفروع الإسلامية ، فكيف يغير ما هو أساس الدين وقوام الشريعة ؟! ومن
أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الإسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها
؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه ، ولا ناقد في نقده مع ما
فيه من الأهمية ، وكثرة الدواعي إلى نقله ؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من
المسلمين في وقته ؟ وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج
وانتهاء سلطته ؟ وهب أنّه تمكّن من جمع نسخ المصاحف جميعها ، ولم تشذّ عن
قدرته نسخةٌ واحدةٌ من أقطار المسلمين المتباعدة ، فهل تمكّن من إزالته عن
صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلاّ الله .
" البيان في تفسير القرآن " ( ص 219 ) .
وما
نقله السائل عن الإمام السجستاني من أنه ألَّف كتاباً اسمه " ما غيَّره
الحجاج في مصحف عثمان " : غير صحيح بل كذب ظاهر ، وكل ما هنالك أن الإمام
السجستاني ترجم للرواية سالفة الذكر عن الحجاج بقوله : ( باب ما كتب
الحجَّاج بن يوسف في المصحف ) .
وعلى
هذا فإنه لا يمكن أن يعتمد على هذا الرواية بحال من الأحوال ، ويكفي في
تكذيبها أنه لم يثبت حتى الآن أن أحداً نجح في محاولة لتغيير حرف واحد ،
فلو كان ما روي صحيحاً لأمكن تكراره خاصة في عصور ضعف المسلمين وشدة الكيد
من أعدائهم ، بل مثل هذه الشبهات التي تثار هي أحد الأدلة على بطلان هذه
الدعاوى ، وأن الأعداء قد عجزوا عن مقارعة حجج القرآن وبيانه فلجؤوا للطعن
فيه .
إرسال تعليق