وهذا قسم من الله جلّثناؤه ، أقسم أن من اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه : أن يملأ جهنم منجميعهم يعني : من كفرة بني آدم أتباع إبليس ، ومن إبليس وذرّيته " انتهى باختصاروتصرف يسير .
وكل آية فيها ذِكر إضلال إبليس لبني آدمبيَّن فيها أن إبليس وجميع من تبعه كلهم في النار كما قال هنا : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ . لَهَا سَبْعَةُأَبْوَابٍ) .
"أضواء البيان" (3/131) .
3. وقال تعالى : ( قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَمِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) ص/84، 85 .
أما كيف يعذَّبإبليس في النار وقد خُلق من النار : فالجواب عنه :
أنه لايلزم من كون الجن خلقوا من نار أن يكونوا الآن ناراً ، كما أن الإنس خلقوا من ترابوليسوا الآن تراباً .
قال أبو الوفاء بن عقيل :
" أضاف الشياطينوالجان إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار ، والمراد به فيحق الإنسان أن أصله الطين ، وليس الآدمي طيناً حقيقة ، لكنه كان طيناً ، كذلك الجانكان ناراً في الأصل " انتهى .
"لقط المرجان في أحكام الجان" (ص 33) بواسطة "عالم الجن والشياطين" (ص 58) .
وإذا كان الإنس خلقوا من تراب وقليل منهيؤذيهم ، وإن دفنوا تحته ماتوا ، وإن ضربوا به (الفخار مثلا) جرحوا أو ماتوا ،فكذلك ليس غريباً أن يكون الجن قد خلقوا من النار ، ويعذبون بنار جهنم .
والجن خلقهم الله تعالى من نار ، ولكنهم ليسوا الآن ناراً ، والأدلة علىذلك كثيرة ، منها :
1. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليهوسلم كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حتى وجدت برد لسانه على يدي ، ولولا دعوة أخي سليمان عليهالسلام لأصبح موثقا حتى يراه الناس) رواه النسائي في "السنن الكبرى" ( 6 / 442 ) ، وصححه ابن حبان ( 6 / 115 ) .
2. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول : أعوذ باللهمنك ثم قال : ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغمن الصلاة قلنا : يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبلذلك ورأيناك بسطت يدك ، قال : إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهيفقلت : أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ،ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب بهولدان أهل المدينة . رواه مسلم ( 542 ) .
فمن هذين الحديثين يتبين لنا أنالجن الآن ليسوا ناراً ؛ ويدل على ذلك : ما وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم منبرد لسان الشيطان ، كما في الحديث الأول ، وأن الشيطان لو كان باقيًا على ناريته مااحتاج أن يأتي بشهاب ليجعله في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما استطاع الولدانأن يلعبوا به .
3. ومن الأدلة – كذلك - : قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) رواه البخاري ( 1933 ) ومسلم ( 2175 ) .
ولو كان الشيطان ناراً لاحترق الإنسان ؛ لأنالشيطان داخله ، فتبين الفرق بين كون الشيطان ناراً وكونه مخلوقاً من نار .
ولو كان الشيطان ناراً الآن –على سبيل الفرض- وأراد الله أن يعذبه بنارجهنم ، فإن الله تعالى على كل شيء قدير ، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى .
إرسال تعليق