0
السلام على من اتبع الهدى . أما بعد :

فإن السر الثالث من الأسرار الكنسية الأصلية المزعومة، هو :

( سر السيامة )

وقد تقدمت الإشارة إليه، وأنه يعني : انتقال سلطة يسوع الروحية التي وهبها للرسل، من جيل إلى جيل، لقيادة الكنيسة، عن طريق (وضع الأيدي) على الرؤوس، فحينئذٍ، تسري (الخلافة الرسولية) في الرتب الكنسية الثلاث: الأسقفية، والقسوسية، والشماسية ! ومستندهم في ذلك أن يسوع ظهر للتلاميذ في الليلة التي قام فيها من الأموات، فقال: كما أرسلني الآب كذلك أنا أرسلكم . ولما قال هذا نفخ فيهم، وقال : خذوا الروح القدس . من غفرتم خطاياهم تغفر لهم، ومن أمسكتم خطاياهم تمسك لهم ! انظر: يوحنا: 20/21-23.

والتلاميذ، بدورهم، نقلوا هذه السلطة الروحية إلى أتباعهم، بطريقة وضع الأيدي على الرؤوس، وهو (سر السيامة ) ! وللعقل الصريح وقفات أمام هذا السر :

1-        ما الفرق بين (يسوع) عليه السلام وسائر رجال الكهنوت، إذا كانت السلطة الروحية، إرثاً مشاعاً، يناله كل من دخل سلك الكهنوت ؟!

2-           هل تلكم السلطة الروحية (تيار كهربائي) يسري بالملامسة، ووضع الأيدي ؟! حتى النص السابق لم يتضمن هذا الأسلوب المبتدع .

3-        ما الذي جعل يسوع يؤخر هذه الهبة إلى ما بعد قيامه من الأموات، كما تقول الرواية ؟! لمَ لمْ يقم بهذه العملية في الحياة؟

4-           ما هو (الروح القدس) الذي خرج بنفخة يسوع، وأخذه التلاميذ ؟! أهو أحد الأقانيم الثلاثة التي يتكون منها الإله ؟ الأمر جد خطير !

5-         بأي مسوغ مقبول يملك بشر غفران الذنوب، أو رفض التوبة ؟! ذلك حق خالص لله تعالى، قال تعالى : ( ومن يغفر الذنوب إلا الله) وقال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )

وهذا يسلمنا إلى سرٍ عجيب من الأسرار الفرعية المزعومة، وهو :

( سر الغفران )

وهو نيل الغفران والتكفير عن الخطايا، بالاعتراف والبوح للقسيس بما اقترف من آثام، مظهراً الندم، وعدم العود ، فيقوم القسيس بمحو سيئاته، وربما أصدر (صك غفران) ! ولم يتقرر هذا السر ، ولم تعتمد طقوسه إلزامياً، إلا بعد المجمع الثاني عشر، المنعقد عام 1215م، وجرى تعاطيه بصورة مزرية . وللعاقل أن يتسائل :

1-             (التوبة) عبادة، فكيف يتوجه بها المخلوق إلى مخلوقٍ خطَّاءٍ مثله ؟!

2-             ما الفائدة من إفشاء سره، ونشر خزيه، أمام بشر مثله ؟!

3-           كيف تأخر تفعيل هذا السر الخطير، وتعميم طقوسه إلى القرن الثالث عشر الميلادي ؟ وما حال أهل القرون الأولى ؟

وقد ألحقت الكنيسة بهذا السر (سر الإماتة) أو (الطقوس الأخيرة) أي الصلاة على المحتضر، لتحقيق الغفران أيضاً ! وكأن الغفران نوع من الشعوذة، وتحضير الأرواح.

وبالإضافة إلى (سر الغفران) ثمَّ ثلاثة أسرار أخرى ، هي :

(سر الزواج المقدس) : ويعني أن الاقتران بين الزوجين بمباركة الكنيسة يجعلهما جسداً واحداً، حتى إن الكنيسة الكاثوليكية تحرم الطلاق تحريماً مؤبداً، ولا تسمح بالطلاق، مهما بلغ الحال، ولو مع الخيانة الزوجية !

(سر مسحة الميرون) : لمنح نعمة مواهب الروح القدس لتثبيته في الحياة .

(سر مسحة الزيت) : لشفاء المرضى نفسياً وبدنياً. (انظر في تفاصيل هذه الأسرار: تاريخ الكنيسة المسيحية، أفغراف سمير نوف ، ص: 161-166 )

وهكذا، معشر أهل الكتاب، استحال دين المسيح عيسى ابن مريم، عليه السلام من دين حكمة وبيان، إلى مجموعة من الطلاسم والأسرار، بسبب رجال الكهنوت الذين يضاهئون بذلك الديانات الوثنية، والمسيح منها براء. قال تعالى : ( ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون . إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ) الزخرف: 63-64
  المصدر العقيدة والحياة

إرسال تعليق

 
Top