0

أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بني عامر بن صعصعة، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم، يقال له بيحرة بن فراس: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب. ثم قال له: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من يخالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: "الأمر لله يضعه حيث يشاء".

قال: فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك.

فأبوا عليه، فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم قد كان أدركه السن، حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم، فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم، فقالوا: جاءنا فتى من قريش، ثم أحد بني عبد المطلب، يزعم أنه نبي، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا.

قال: فوضع الشيخ يده على رأسه، ثم قال: يا بني عامر، هل لها من تلاف؟ هل لذناباها من مطلب؟ والذي نفس فلان بيده! ما تقولها إسماعيلي قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم (1) ! (2).

المصدر: كتاب (وشهد شاهد من أهلها) للدكتور راغب السرجاني.


(1) قال السهيلي: "هل لها من تلاف": أي تدارك، وهو تفاعل من تلافيتهم. "وهل لذناباها من مطلب": مثل ضرب لما فاته منها، وأصله من ذنابي الطائر إذا أفلت من الحبالة، فطلبت الأخذ بذناباه. "ما تقولها إسماعيلي قط": أي ما ادعى النبوة كاذبا أحد من بني إسماعيل. انظر: السهيلي: الروض الأنف 4/33.

إرسال تعليق

 
Top