0
بطل هذه القصة نصراني حتى النخاع
حظي أبواه ومعظم أفراد عائلته الكبيرة بمناصب مميزة داخل الكنيسة.. 

لكل هذا نشأ نشأة نصرانية بحتة لا مجال فيها للاختلاط بالمسلمين إلا في الخفاء.. 

نقاشه مع أحد المسلمين لفت نظره إلى تناقضات النصرانية وسماحة الإسلام.. 

سأل القسيس علّه يجد منه إجابات تريحه من الشكوك التي أثارها حديث المسلم داخل نفسه.. 

لكنه وجده فارغًا كفؤاد أم موسى، وبالطبع فإن فاقد الشيء لا يعطيه.. 

في إحدى ليالي شهر رمضان سمع القرآن ينبعث من مكبر صوت داخل مسجد لا يبعد كثيرًا عن منزل أسرته.. 

تأثر به وأحبه كثيرًا، ومن ثم أقبل على قراءته وعلى دراسة الكتب الإسلامية.. 

اكتشف من خلالها أن المسيح وأمه مريم مكرمان في القرآن وأن الإسلام هو دين الحق فأسلم وجهه لله رب العالمين.. 

إنه المصري سيف الإسلام التهامي ندعوكم للتعرّف إلى قصة إسلامه.

ولد سيف الإسلام 
في القاهرة في 30 من شهر يونيو عام 1980.. والده كاثوليكي، وأمه إنجيلية، وابنة عم والده راهبة في مدرسة راهبات الأرمن، بينما خاله قسيس في إحدى الكنائس الإنجيلية!! 

ومنذ نعومة أظفاره عرف طريقه إلى الكنيسة بل أحبها لدرجة الوله.

التحق بمدرسة نوباريان الأرمنية 
وهي مدرسة عنصرية لا تقبل إلا النصارى الأرمن حتى أن عدد طلابها في جميع مراحل التعليم (من الحضانة إلى المرحلة الثانوية) كانوا لا يتجاوزون (125) طالبًا فقط.. كانت المدرسة بيئة نصرانية مكتملة الأركان فقد كانت تشتمل على كنيسة كما كان السواد الأعظم من المدرسين بها من النصارى..

بالتالي لم يكن متاحًا أمام بطل قصتنا الاختلاط بالمسلمين باستثناء قلة من أصدقائه في الحي أو الجيران.. 

وحتى هؤلاء لم يكن يختلط بهم كثيرًا، إذ إن معظم أوقاته كان يقضيها في الكنيسة التي كان يخدم فيها كشماس مخلص.

في المرحلة الثانوية، ازداد ارتباطه بالكنيسة والقساوسة وأصبح يقوم بمعظم شعائر القداس بدءًا بقراءة الإنجيل وانتهاءً بتحضير القربان والخمر للقداس.

في أحد الأيام وبينما كان يجلس مع أحد الشباب المسلمين، سأله قائلًا: ألن تسلم؟

فردّ عليه في غيظ: ولمَ أسلم؟ ولمَ لا تتنصر أنت؟

فقال له المسلم عبارة كان لها وقعها الأليم عليه: “أنتم كلكم في النار”!

أزعجه حديث المسلم أيما إزعاج وتساءل: لماذا يدخل النار وهو يعمل كل ما في وسعه بإخلاص ليتقرب إلى ربه حتى يدخل الجنة؟!

عندما هدأ من انفعاله سأل المسلم: لماذا يدخل النصارى النار ويدخل المسلمون الجنة؟

ردّ عليه: لأنكم تفترون على المسيح بقولكم ثالث ثلاثة وأنه ابن الله وإلى غير ذلك من الافتراءات!

فسأله في فضول: وكيف عرفت كل هذه الأشياء.. هل قرأت الإنجيل؟

ردّ عليه: لا بل قرأتها في القرآن الكريم.

تساءل بطل قصتنا في حيرة عن الكيفية التي عرف بها القرآن ما هو في دينهم؟ وعن كيفية إقراره بأن كل الأشياء التي يقولها النصارى عن المسيح هي مقولات خطأ وستؤدي بهم إلى النار؟

للإجابة عن تساؤلاته بدأ يقرأ الإنجيل بتمعن وبالفعل وجد اختلافات وتناقضات في ذكر نسب المسيح! كما لاحظ التناقض في وصفه بادعاء ألوهيته تارة ونبوته تارة أخرى! فأخذ يتساءل في حيرة: من هو المسيح إذن؟ أهو نبي أم ابن الله أم هو الله؟

صاغ مجموعة من الأسئلة وذهب بها إلى القسيس، علّه يجد عنده الإجابات الشافية التي تقلل من قلقه وشكوكه في النصرانية.. أصيب بخيبة أمل عندما لم يجد عند القسيس ما يثلج صدره!

بل يتذكر أنه سأل القسيس ذات مرة قائلًا: يقول الكتاب المقدس إن المسيح جالس على جبل الزيتون وهو يدعو الله؟ ألا يتناقض هذا مع كونه إلهًا؟ وإن كان هو الله حقًّا فمن يدعو؟ ولمن كان يسجد؟

ردّ عليه القسيس بإجابات مبهمة لم يفهم منها شيئًا.

أخذت بعدها أسئلة كثيرة تتولد وتدور داخل نفسه دون أن يجد لها إجابة.. فتغيرت العديد من قناعاته ومعتقداته، ومن بينها عدم الاعتراف للقسيس لأنه بشر مثله، كما آمن بنبوءة المسيح -عليه السلام- باعتباره بشرًا وباعتبار أن للإله صفات كمال خاصة تتنافى مع صفات البشر.

منذ ذلك الحين بدأ بطل قصتنا يقرأ الإنجيل من دون أن يقول (ربنا يسوع المسيح) بحسب ورودها في نص الإنجيل.. بل كان يكتفي بقوله يسوع المسيح، وبرغم ذلك لم يشعر بالراحة التي ينشدها.

في إحدى ليالي رمضان بينما هو يستذكر دروسه في غرفته داخل منزل أسرته المجاور لأحد المساجد وصلته تلاوة القرآن في صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت.. فأعجبه القرآن وتذوق له حلاوة مست شغاف قلبه وإن لم يكن يعلم آنذاك أن تلك هي تلاوة القرآن.

في يوم أحد لا ينساه وأثناء أداء القداس داخل الكنيسة وقف عند كلمة: (ربنا يسوع المسيح).. فأبى لسانه أن ينطق بها، ولم يشعر بنفسه إلا وهو يتجاوز كلمة (ربنا) خلال قراءته.. 

تعجب القسيس وأشار له بالجلوس فتوقف عن القراءة ثم جلس ومن ثم أكملوا الصلاة بشكل طبيعي.. عقب إكمال الصلاة سأله القسيس في غرفة خاصة بالقسيسين: لماذا لم تقرأ الإنجيل كما هو؟ لم يجبه بل طلب منه أن يذهب إلى بيته ليحصل على قسط من الراحة.

ومنذ ذلك اليوم، ظل ينام قبل قراءة الإنجيل كما كان حاله من قبل بل أصبح زاهدًا في الذهاب إلى الكنيسة..

بعدها.. بدأ يقرأ عن الإسلام قراءة جادة فعرف من هو المسيح في الإسلام، كما عرف أن النبي -صلى الله عليه وسلّم- ذكر في العهدين القديم والجديد.

بل اكتشف أن المسيح وأمه مريم -عليهما السلام- مكرمان غاية التكريم في القرآن، وأن المسيح (نبيّ)، قال الله له كن فكان:

إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران

فتأكد تمامًا من أن الأناجيل التي بين يديّه محرفة، ويكثر فيها اللغط.

كما توصل إلى حقيقة أن الإسلام هو دين الحق..

ذهب بعدها إلى إحدى المكتبات واشترى مصحفًا كي يقرأ فيه..

وعندما قرأ القرآن أحس براحة غريبة داخل صدره!!

فاعتنق الإسلام عن اقتناع بالعقل وحب بالقلب..

وعندما أخبر أخواته بالإسلام فوجئ بأنهن قد سبقنه إليه!!

سبحان الله.. كم من نصراني يسلم وجهه لله ولا يعلن ذلك.. ثم يفاجأ بأنه آخر من أسلم من أهله!!

إنها الفطرة السليمة.. إنه العقل الباحث عن الحق.. إنها الأنفس الطاهرة..

لا تستسلموا لقوى الضلال.. لا تيأسوا من رحمة الله.. أروا الله خطوة واحدة في الطريق إليه..

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

——————

المصادر:

ابن علي، أبو إسلام أحمد (1429 هـ)؛ عادوا إلى الفطرة: 70 قصة حقيقية مؤثرة؛ مكتبة صيد الفوائد: http://www.saaid.net

محمود، عبد الرحمن (2005)؛ رحلة إيمانية مع رجال ونساء أسلموا؛ المكتبة الإسلامية الشاملة.

معدِّي، الحسيني الحسيني (2009)؛ الإنجيل قادني إلى الإسلام؛ حلب: دار الكتاب العربي.

معدِّي، الحسيني الحسيني (2006)؛ قساوسة ومبشرون ومنصرون وأحبار أسلموا؛ دمشق: دار الكتاب العربي.

إرسال تعليق

 
Top