0
يتناول الكتاب أسرار القصة القرآنية من خلال الأرقام وسر تكرار القصة وكيف تأتي الأرقام متناسبة مع العدد سبعة....
ينقسم الكتاب إلى مقدمة وعشرين فصلاً، من عناوينها (حول لغة القرآن)، (لماذا تتكرر القصة في القرآن)، (من قصة إبراهيم عليه السلام)، (الإعجاز التاريخي لقصص القرآن)، (الترتيب الزمني للقصة)، (من قصة يونس عليه السلام)، (الأوامر تتكرر بنظام) (آفاق لغة الأرقام في القرآن). وفيما يلي قراءة بين سطور هذا الكتاب.
يبدأ كتاب (الإعجاز القصصي) بمقدمة تتضمن تعريفاً بالمعجزة والهدف منها وكيف تتطور المعجزات الإلهية بما يناسب كل عصر من العصور. وما أكثر التساؤلات التي يطرحها كلُ من يقرأ كتاب الله تعالى وأهمها: لماذا تتكرر القصة ذاتها في مواضع متعددة من كتاب الله عز وجل؟ وما سر هذا التكرار؟ وجواب هذا السؤال يجده القارئ في ثنايا هذا الكتاب الذي صِيغَ بأسلوب سهل ومبسط ويقدم للقارئ معلومات تُعرض أول مرة من خلال استعراض بعض قصص الأنبياء ومعجزاتهم، وكيف تكررت هذه القصص بنظام محكم، هذا النظام يقوم على الرقم سبعة ومكرراته.
تحت عنوان (هذا البحث لمن) يؤكد هذا الكتاب أن القرآن الكريم كتاب موجه بالأساس لجميع البشر، ولذلك فإن أي بحث حول هذا الكتاب العظيم هو بحث موجه لكل البشر، والمعجزة الجديدة التي يكشفها الكتاب الذي بين يدينا هي معجزة الأرقام والبناء الرقمي لآيات وسور القرآن بما يثبت أنه كتاب صادر من الله سبحانه وتعالى وأن الله قد حفظه إلى يوم القيامة، فلو فرضنا جدلاً  أن أحداً على مدى الأربعة عشر قرناً التي تلت نزول القرآن فكَّر في تغيير ترتيب سورة أو آية، لو حدث هذا لاختل البناء الرقمي الذي نكتشفه اليوم، وعن تفسيره لتكرار القصة في القرآن الكريم نؤكد أن هناك عدداً من العلماء حاولوا دراسة القصة القرآنية لمعرفة سر تكرارها وقد تمحورت آراؤهم حول نقاط ثلاث هي:
الحكمة من تكرار القصة القرآنية في مواضع متعددة يأتي لزيادة العبرة وعظة وتذكير المؤمن دائماً بعاقبة المكذبين من الأمم السابقة، ليبقى في حالة خشية من الله تعالى وخوف من عذابه ومن جهة ثانية ليبقى في حالة سرور وتفاؤل برحمة الله ووعده وحُسن جزائه ونعيمه. إن من حكمة الله تعالى في ذكر القصة نفسها في سور متعددة هي استكمال جوانب القصة، فتُذكر القصة مختصرة جداً في موضع، وفي موضع آخر تُذكر مطوَّلة، وهكذا نجد أن القصة لا تتكرر إنما تتكامل. إن في تكرار القصة مراراً في القرآن الكريم معجزة بلاغية وعلى الرغم من هذا التكرار لا نجد خللاً في الأحداث، ولا تناقضاً في سرد القصة وهذا دليل على إحكام القصة في القرآن بالإضافة إلى شيء مهم وهو أن هذا التكرار يضفي جمالية فريدة وروعة  وبياناً وسحراً لا يمكن لأعظم بلغاء العالم تقليد هذا الأسلوب المميز. إذن نحن هنا لسنا أمام تكرار بل " إعجاز "!!.
إعجاز تاريخي
يسرد الكتاب عدداً من القصص القرآنية التي يتكرر ذكرها في القرآن، مثل قصة سيدنا نوح و صالح و إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وهذه القصص كما يقول تتكرر بنظام محكم، والأوامر تتكرر فيها بنظام محكم، وكذلك الخطاب، وهكذا فالنظام يحكم كل كلمة وكل حرف في القرآن الكريم في الفصل المعنون بــ (الإعجاز التاريخي لقصص القرآن) ونؤكد أن ليس هناك كتاب واحد في العالم يتميز بسرد القصة بتسلسل تاريخي موافق للواقع والتسلسل الزمني كما هو القرآن الكريم، وعلى سبيل المثال نجد أن كلمة (علّمناه) تتكرر في القرآن بنظام عجيب، ولو بحثنا عن هذه الكلمة في القرآن كله لوجدنا أنها تكررت في أربع آيات وهي:
 (وإنه لذو علم لما علّمناه) من سورة يوسف.
 (وعلَّمناه من لدنَّا علما ً) من سورة الكهف.
 (وعلَّمناه صنعة لبوس) من سورة الأنبياء.
 (و ما علَّمناه الشعر) من سورة يس.
إن الذي يتدبر هذه الآيات يلاحظ أنها وردت في سياق أربع قصص من قصص الأنبياء، أي أن هذه الكلمة تتكرر فقط مع الأنبياء عليهم السلام ولكن كيف وردت هذه القصص ومن هم هؤلاء الأنبياء، وهل يراعي تسلسل هذه الآيات في القرآن تسلسل الأحداث التاريخية لهؤلاء الأنبياء؟
إن الآية الأولى وردت في سياق قصة سيدنا يوسف عليه السلام، أما الآية الثانية فقد وردت في سياق قصة سيدنا موسى عليه السلام، والآية الثالثة وردت في سياق قصة سيدنا داوود عليه السلام، والآية الرابعة نجدها في سياق الحديث عن سيدنا محمد خاتم النبيين. إن هذه الكلمة جاءت في أربع آيات في قصص أربعة أنبياء، وعلى الرغم من تباعد السور الأربعة فقد بقي تسلسلها مطابقاً للتسلسل الزمني لهؤلاء الأنبياء الأربعة، فنحن نعلم بأن يوسف عليه السلام قبل موسى عليه السلام وبعد داوود وبعده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
نظام لغوي
من الأمثلة الرائعة التي يوردها الكتاب ما جاء في قصة بني إسرائيل وتكرارها في القرآن الكريم، فالكلمة في القرآن الكريم تتكرر من أول القرآن وحتى آخره بنظام محكم وباستخدام محدد، وهذا ما لا يستطيعه بشرٌ، فلو تأملنا في كلمة (عَصَينا)  نجد أنها وردت في موضعين فقط من القرآن الكريم, الآية الأولى هي قوله تعالى: (قالوا سمعنا وعصينا)  في سورة البقرة، أما الآية الثانية فهي قوله تعالى: (ويقولون سمعنا وعصينا) من سورة النساء.
وفي كلتا الآيتين جاء الحديث عن بني إسرائيل، فكأن الله عز وجل يقول لنا إن هذه الكلمة (عصينا) هي خاصة ببني إسرائيل، فالعصيان وإنكار النعمة هي سمة من سمات هؤلاء اليهود الذين عصوا الله ورسوله، و في هذا المثال نحن أمام نظام لغوي لتكرار الكلمات بحيث أننا نجد كل كلمة من كلمات القرآن تُستخدم استخداماً دقيقاً من أول القرآن وحتى آخره،  إن إعجاز هذه الكلمة لا يقتصر على نظام تكرارها، بل هناك أمر مذهل في البعد الزمني الذي تعبر عنه كل آية، فالآية الأولى جاءت بصيغة الماضي " قالوا " لتعبر عن حقيقة هؤلاء اليهود وتاريخهم الحافل بالمعصية لخالقهم سبحانه وتعالى ولكي لا يظن أحد أن هذا الماضي انتهى أو أنهم تغيروا جاءت الآية الثانية(ويقولون) بصيغة الاستمرار  لتؤكد لنا على حاضر ومستقبل هؤلاء المغضوب عليهم، وهذا إعجاز زمني في كتاب الله تعالى بحيث أننا نجد الآيات تتسلسل بترتيب زمني غاية في الإحكام.
قلوب غُلف
مع كل هذا الإعجاز اللغوي والزمني هنالك إعجاز رقمي أيضاً، فلو بحثنا عن أرقام السورتين حيث وردت هذه الكلمة نجد: (سورة البقرة ترتيبها 2 وسورة النساء ترتيبها  4) وعند ضم هذين الرقمين نحصل على عدد جديد هو   (42) من مضاعفات السبعة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل جاء هذا الإعجاز المتعدد بالمصادفة؟ هؤلاء اليهود لم يكتفوا بالعصيان بل أغلقوا قلوبهم وغلَّفوها بغلاف من الكفر والجحود، ويأتي القرآن العظيم ليصف قلوب هؤلاء على لسانهم من خلال هاتين الآيتين:
 (وقالوا قلوبنا غلف) من سورة البقرة.
 (وقولهم قلوبنا غلف) من سورة النساء.
وهنا من جديد نجد عبارة (قلوبنا غلف) لم ترد في القرآن كله إلا في هذين الموضعين، ولو تأملنا سياق الحديث في كلتا الآيتين نجد أن هذا القول جاء على لسان بني إسرائيل، وكأن الله عز وجل يقول لنا أنظروا إلى حقيقة هؤلاء القوم الذين وضعوا غلافاً بين قلوبهم وبين سماع الحق، فجاءت كلمة (غُلف) لتعبر عنهم تعبيراً دقيقاً، هذه الكلمة لم تذكر في القرآن مع أي من البشر إلا مع اليهود للتأكيد على حقيقة أمرهم،  ثم نجد هنا أيضاً إعجازاً زمنياً يتعلق بالبعد الزمني الذي تعبر عنه كل آية فالآية الأولى جاءت بصيغة الماضي (وقالوا) لتصف ماضي اليهود الحافل بعدم الاستجابة للحق، ولكي لا نظن أن حاضرهم قد اختلف وتغير تأتي الآية الثانية بصيغة الاستمرار: (وقولهم) لتعبر وتكشف عن حاضر ومستقبل هذه القلوب المغلقة!
والعجيب أن الإعجاز الرقمي مستمر هنا أيضاً ليشمل أرقام السورتين، ويشكل عدداً من مضاعفات السبعة، وهكذا لو سرنا عبر آيات القرآن وكلماته نجد بناء محكماً ومتماسكاً من الناحيتين اللغوية والرقمية في الصفحات الأخيرة من الكتاب يتناول الكتاب  معجزة الرقم سبعة في القرآن، هذا الرقم الذي كان له أهمية بالغة عند الأمم السابقة خلال مختلف مراحل التاريخ فمنذ زمن سيدنا نوح عليه السلام ذكر هذا الرقم على لسان سيدنا نوح ليقيم الحجة على قومه ويقنعهم بوحدانية الله خالق السماوات السبع فيقول لهم: (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً) من سورة نوح عليه السلام.
وفي تاريخ الفراعنة بمصر هنالك دلالات كثيرة لهذا الرقم أهمها ما نجده في تفسير الأحلام لديهم ورؤيا الملك الذي رأى سبع بقرات وسبع سنبلات في قصة سيدنا يوسف عليه السلام وجاء تفسير الحلم أيضاً على الرقم سبعة.حتى إن الله عز وجل ربط بين الرقم سبعة وبين كلماته في قوله تعالى: (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم)  لقمان.

إرسال تعليق

 
Top