0

هي بسيطة وعفوية وتلقائية بتعابيرها تمامًا كاسمها "بسيطة"، وعلى الرغم من أنها بلغت الأربعين من عمرها، لكنها تحمل روح الشباب وضحكاتهم المفعمة بالحيوية والأمل وحب الحياة، خصوصًا بعد أن دخل الإسلام حياتها ونوَّرها وفجَّر في أعماقها السعادة والرضا.. إنها المسلمة الجديدة الفلبينية بسيطة، التي اعتنقت الإسلام منذ عام واحد.

دوافع التغيير

قبل أن تتحدث بسيطة عن سبب إسلامها، وكيف اعتنقته وماذا وجدت في هذا الدين العظيم، سالت دموعها على وجنتيها وهي تحاول التعبير، لكن كثرة انهمار دموعها الصادقة منعها من أن تنطق بكلمة واحدة، وبعد لحظات جففت دموعها، وقالت وصوتها يرتجف: "أتيت إلى الإمارات لأعمل في أحد محال الحلويات المشهورة في مدينة العين، وكنت أواظب على الذهاب للكنيسة من أجل التعبد والدعاء، وفي آخر مرة ذهبت فيها إلى الكنيسة الموجودة في منطقة الصناعية في العين، وبينما هممت بالخروج شعرت بضيق شديد وصوت في داخلي لا أدري من أين أتى، صوت وخاطر انتابني فجأة يسألني..

لماذا آتي إلى هنا؟ ومن هو الإله الذي أعبده؟ ولماذا يجب أن آتي إلى الكنيسة لأطلب من اليسوع أن يطلب من الله عز وجل أن يعطيني كذا وكذا؟ لماذا يوجد وسيط بيني وبين الله سبحانه، بينما في الإسلام لا يوجد وسيط؟".

وأضافت: "من ثَمَّ شعرت برغبة تعتريني لأقرأ القرآن الكريم، فاتصلت بصديقتي الفلبينية المسلمة لأقول لها أريد أن أراك، وأحضري لي مصحفًا معك، فاستغربت طلبي، علمًا أنها لم تدعوني للإسلام ولم يدعوني أحد، بل نفسي من الداخل دعتني، وكأن الله ألقى هدايته فيها".

وتتابع: "فعلاً أتت صديقتي مباشرة في ذات اليوم، وأحضرت لي مصحفًا مترجمًا إلى اللغة الإنجليزية قرأته لليلتين فقط، وفهمت بعض ما جاء فيه، وشعرت براحة عجيبة أثناء قراءتي لآياته، واتخذت قرارًا سريعًا بعدها بأن أسلم. أخبرت صديقتي بذلك، وذهبنا إلى دار زايد للثقافة الإسلامية، وأخذوا يعرفونني بالإسلام قبل أن أسلم، ويجيبونني عن جميع تساؤلاتي، ومن ثَمَّ أنطقوني الشهادتين، وحصلت على شهادة اعتناق الإسلام، واخترت اسم مريم لأدعى بها بعد الإسلام".

وتلفت "بسيطة" إلى أن وجودها في دولة مسلمة مثل الإمارات لمدة سنتين قبل أن تسلم، جعلها تتعرف على الإسلام بوصفه الدين الرسمي فيها، سواء كان ذلك من خلال تعامل الناس معها أو لباسهم أو عاداتهم وتقاليدهم وتدينهم وذهابهم إلى المسجد ونحو ذلك، ما أفرز نظرة إيجابية لديها تجاه الإسلام والمسلمين، وولّد لديها ثقافة بسيطة لم تكن تعرفها نحو الدين الإسلامي، سواء من مشاهداتها أو مما تسمعه ممن حولها في العمل وخارجه، وكلها عوامل أسهمت في محبتها للإسلام واعتناقه.

الخطوات الأولى

تصادف إسلام بسيطة قبل شهر رمضان الفضيل من العام الماضي، وكانت في تلك الفترة تتعلم كيفية الصلاة والوضوء وكيف تقرأ سورة الفاتحة كخطوة أولى تعينها على الصلاة، تتبعها خطوات لاحقة تعلمت خلالها السور القصار من القرآن الكريم، ووصفت بسيطة تلك الفترة بأنها "صعبة جدًّا وتطلبت الجهد الكبير منها"، لكن سرعان ما اعتادت على الصلاة، وأصبحت أهم شيء في حياتها، إلى جانب جهادها في تعلم اللغة العربية لسببين، عنهما قالت: "أتعلم اللغة العربية حتى أتمكن من قراءة القرآن باللغة التي نزل بها وأفهم معانيه أكثر، على الرغم من أنني أقرؤه باللغة الإنجليزية والفلبينية. والسبب الثاني حتى يسلم أولادي الذين عندما أخبرتهم أنني أسلمت، قرروا بأنهم سيسلمون إذا استطاعت أن تقرأ القرآن باللغة العربية".

صامت بسيطة من رمضان الماضي 15 يومًا فقط؛ لأنها تعبت كثيرًا من الصيام وكثرة الجوع والعطش الذي كانت تشعر به، أما في رمضان الجاري فقد ثبتت، وصار الصيام بالنسبة لها أمرًا عاديًّا وسهلاً؛ ولعل ذلك بفضل كثرة الدعاء الذي تتوجه به إلى الله تعالى، ليثبتها ويمنحها الصبر على الصيام وسائر العبادات.

تحرص بسيطة على ارتداء العباءة الإسلامية، وتداوم على الذهاب لدار زايد للثقافة الإسلامية لحضور المحاضرات الدينية التثقيفية، وتتمنى أن تذهب لزيارة بيت الله الحرام.

وعن موقف أهلها من اعتناقها للإسلام، قالت: "عندما اتصلت بوالدتي قلت لها: أريد أن أخبرك بأمر، وأتمنى ألا تغضبي مني، لقد أسلمت. وانتظرتُ أن ترد عليَّ بجواب صاعق أو أن توبخني، لكنها قالت: ما المشكلة؟ هذا أمر خاص بك ولكِ الحرية المطلقة في الاختيار. هذا بدوره شجعني عندما سافرت لزيارتها لأن أحدثها عن الإسلام، وعندما استقبلتني في المطار لم تعرفني وأنا أرتدي العباءة، وأخذت تسألني مستغربة عن هذا اللباس..

فأخذت أشرح لها عن الإسلام، وكم يرفع من قدر المرأة وهو يسترها بالحجاب ويحفظ عفتها وطهارتها، فوعدتني أن تفكر بأمر اعتناق الإسلام، لكنها لا تعتبر نفسها مهيأة الآن بالشكل الكافي. أما والدي فقد توفي، وأتمنى لو كان على قيد الحياة ليحظى بفرصة اعتناق الإسلام".

المصدر: جريدة الاتحاد الإماراتية.

إرسال تعليق

 
Top