التغيرات الحيوية والفسيولوجية خلال الصيام وحكمة النهي عن وصال الصيام
النص:
قال الله عز وجل: ﴿وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ﴾البقرة: 187، في هذه الآية يظهر لنا التوجيه الرباني لهذه
البشرية ورحمة الله بعباده، فيوجههم لما فيه سلامة أجسامهم وصحتهم، حيث
يشير إلى عدل الوصال في الصيام.
ثم يأتي النهي من متلقي
الوحي، الذي لا ينطق عن الهوى حيث يقول صلى الله عليه وسلم: (إياكم
والوصال، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله، قال: إني ليس في ذلك مثلكم إني
أظل يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا من الأعمال ما لكم به طاقة) رواه أحمد.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تواصلوا فأيكم أراد الوصال فليواصل حتى السحر) رواه أبو داوود.
الحقيقة العلمية:
النصوص السابقة من الكتاب
والسنة تنهى عن الوصال في الصيام، حيث يترافق الصيام في رمضان مع تغيرات
هرمونية في جسم الصائم، تهدف إلى المحافظة على تزويد خلايا الجسم بحاجتها
من الطاقة الحيوية اللازمة للقيام بالوظائف الحيوية والفسيولوجية المختلفة،
إذ يقل منسوب هرمون الأنسولين بعد ساعات من تناول
وجبة السحور، ويبدأ بعدها هرمون الجلوكاجون بالارتفاع ليضمن المحافظة على
منسوب سكر الدم (الجلوكوز) ضمن مستوياته الطبيعية، من خلال القيام بعمليات
تحلل الجليكوجين حين يبدأ الجسم بالتحول إلى الاعتماد على أكسدة الأحماض
الدهنية الموجودة في الأنسجة الدهنية لإنتاج طاقة الغذاء.
لذا يزداد اعتماد الجسم على
أكسدة الأحماض، وإنتاج الأجسام الكيتونية لمصدر الطاقة، والتي تؤدي ارتفاع
منسوبها في الدم، وتراكمها في الجسم إلى حصول تغيرات سلبية على صحة الجسم
وحيويته.
وجه الإعجاز:
ظهر لنا من خلال النصوص
الشرعية من الكتاب والسنة أن الحقيقة العلمية اتفقت مع الدلالة الشرعية، إذ
أن الدلالة الشرعية نصت على عدم الوصال في الصيام، إذ كان النهي واضحاً من
خلال قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تواصلوا فأيكم أراد الوصال فليواصل حتى
السحر) رواه أبو داوود.
وجاءت الحقيقة تبين أن مرحلة
الصيام "الطويل" تؤول إلى تطور الأعراض السلبية، والمتمثلة في زيادة تركيز
الأجسام الكيتونية وزيادة حموضة الدم، كما أنها تؤول إلى لجوء الجسم إلى
استخدام العضلات كمصدر للأحماض الأمينية المنتجة للجلوكوز من خلال عملية
تصنيع الجلوكوز من غير مصادره السكرية التي تؤدي إلى حصول الهزال، وضمور
العضلات، وضعف الجسم العام.
فظهر التطابق بين الحقيقة العلمية والنصوص الشرعية في أجمل صور الإعجاز المبهرة.
إرسال تعليق