0
لما خلقنا نحن لتعمير الأرض بدلا من الملائكة المجبولون على الطاعة العمياء؟!

* ما السبب الذي خُلقنا لأجله إذا كان الله غنيا عن العالمين؟.. ولا تُجبني بأن السبب العبادة أو تعمير الأرض لأن السبب لو كان العبادة لكان الإله جعل إيماننا به على أساس من الاقتناع العقلي، أما بالنسبة لتعمير الأرض فكان الإله قادرا على أن يخلق غيرنا أو أوكل تلك المهمة للملائكة بدلا عنا.. على الأقل هم مفطورون على الطاعة العمياء!.. ثم لماذا خلق الله لنا العقل وهو يريدنا أن نعبده بلا تفكير، وإذا فكرنا فلا إجابات؛ فالمفترض أن نصدق كل شيء بلا نقاش؟

**عزيزتي.. معلوم لدى العقلاء جميعًا في كل زمان ومكان أن صانع الصنعة هو الذى يحدد دور ووظيفة الآلة التي صنعها.. فهو الأعلم بها… لذلك يضع الصانع الدليل الإرشادي (كتالوج) لهذه الآلة، ونفس الأمر ينطبق على مستوى البشر… فالخالق سبحانه هو الذى يحدد وظيفة هذه المخلوقات ودورها المناسب في الحياة… فهو الأعلم بمن خلق.

ونحن نعبد الإله الخالق لصالحنا، ونعمر الأرض لصالحنا، واختص الله سبحانه وتعالى الإنسان فقط بمهمة الإعمار دون غيره من المخلوقات لأنه الخالق ويعرف أنسب مخلوق من مخلوقاته لتلك المهمة.

وهو سبحانه – فعلاً- جعل الإيمان به على أساس الاقتناع العقلي، قال تعالى: “لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ” (البقرة:256)، “وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” (الكهف:٢٩)، وحين يخلق الله الإنسان حرًّا مختارًا فهذا فضل منه يقوم على حكمة عالية “سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً” (لقمان:٢٠) ليس هذا فحسب بل أوضح الله عز وجل للإنسان طريقي الخير والشر، لكن المشكلة في الإنسان رفضه الاعتراف بفضل الخالق عليه.

ابنتي.. العقل في الإسلام هو المخاطب، والتكليف يكون للعاقل دون غيره والقرآن ضد جريمة الركود العقلي.. فالآيات الدالة على إعمال العقل والتفكير والتدبر لا تحصى قال تعالى: “كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ” (ص:29)، “فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ” (الدخان:58)، “…كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ” (البقرة:266).. القرآن دعوة إلى التنوير الحقيقي لا المُدعى.. القرآن منهج للحياة الطيبة الآمنة.

*وما السبب الذي نحاسب من أجله على أعمالنا؟، ولا تخبرني لأنه إله يحاسب خلقه؛ فالعدل الذي يتصف به لا يستقيم بطرف واحد فقط بل الأصل المشاورة التي لم يقبلها من الملائكة في قصة تعليم آدم الأسماء، لذلك تعلم المسلمون الدرس ووضعوا عقولهم خلف القلوب، ينفذون الأحكام المطلقة بلا نقاش فالأسئلة حرام ونهايتها الكفر والإلحاد، ومن أقوالكم الشهيرة “من قال لا أعلم فقد أفتى”.. أي عقل هذا؟!، ثم ما الدليل على أن القرآن معصوم من التحريف -الذي حدث مع كتب بقية الديانات والذي تعترفون أنتم به- وأتمنى أن يكون الجواب عقليا بعيدا عن نصوص القرآن أو السنة؟

** أولا بنيتي: الحساب على الأعمال.. لأن الإنسان كائن حر مختار فالعدالة تستوجب أن يتحمل كل إنسان مسؤولية اختياره.. ومعلوم لدى العقلاء القاعدة العقلية الشهيرة: أنت حر أنت مسؤول.

ثانيا: المشاورة.. التشاور يكون بين الناس على مستوياتهم المختلفة حتى لا يُحرم القائد في أي موقع ذكاء من حوله، أما الإله الخالق فهو يعلم كل شيء، قادر على كل شيء، الإله ليس واحدًا مِنَّا نشاوره وإنما نستخيره بعد المشاورة لأهل الخبرة والعلم من البشر.. ولطلاقة قدرة الخالق ولعلمه المحيط الذى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

أما ما يتعلق بالقرآن وعصمته من التحريف وبلغة العقل وبعيدا عن أدلة الكتاب والسنة كما طلبتي فانظري إلى العلماء الكبار مثل: د. جيفرى لانج، د. لورانس وموريس بوكاى، وغيرهم على مستوى العالم.. لماذا أسلموا؟!

خرج العالم (موريس بوكاي) والفريق العلمي المتخصص المعاون له بحقيقتين..

  • القرآن أكثر الكتب المقدسة اشتمالًا على الحقائق العلمية.

  • ليس هناك أي صدام بين القرآن والعلم الحديث، وهذا للقرآن وحده.. نعم وحده.. لقد تفرّد القرآن بذلك.

عزيزتي.. من قال لا أعلم فقد أفتى: أي من اعتذر عن الإجابة حين لا يعرف فقد أفاد، فهذا نوع من الإجابة الأمينة حتى لا يخمن ويأخذ الناس إلى كارثة، وهذا أمر محمود لدى العقول المنصفة.

أما ما يتعلق بالقرآن فهو بالفعل لم يُحرف.. نعم.. العلم يشهد بذلك.. والوثائق تشهد بذلك.. فكتاب الله لم تتغير منه كلمة واحدة منذ أُنزل.. والأدلة العقلية على ذلك كثيرة.. من بينها موافقة آيات القرآن لحقائق علمية ثابتة أخبر بها القرآن من قرون لذلك أرجو منك الاطلاع على (موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.eajaz.org).

الابنة الكريمة: أنت حرة في إيمانك.. كل نصيحتي لك أن لا تأخذي حكمًا أو قرارًا مبنيا على معلومات خاطئة.. فيكون قرارك خاطئًا..  فأنا لا أريد لإنسان – مهما كان رأيه – أن يُحرم من نور معرفة الخالق.. الإله الحق.

وسؤال أخير لك.. سؤال مستحق.. إذا انتهت حياتك (بعد عمر طويل) ووجدتِ فكرة الإلحاد خاطئة.. وأن الإله الحق الخالق موجود.. فماذا تفعلين؟! وما حجم الخسارة التي تكونين فيها حين تحرمين من الجنة؟!.. وما حجم الكارثة حين تواجهين النار؟! استحقاقًا على تكذيبك بالخالق.. إن من ينكر محرقة اليهود يلحق به عقابا رادعا تبعا لقانون معاداة السامية.. فكيف تنكرين حق الخالق في كونه وخلقه؟!

فكرى بجد وليس بعناد؛ فأنتِ أمام أهم حقيقة في الوجود.. قضية الإيمان بالخالق.. وأهم مستقبل لك.. المستقبل الخالد عند الله في الجنة.

تمهلي.. واقرئي.. وتعلمي ولا تتعجلي.. إن أردت الوصول للحق الصادق.. واسألي سؤالاً واحدًا.. يا إله يا خالق إذا كنت موجودًا حقًّا اهدني إليك.. إلى الحق.. قوليها بصدق.. وسترين النتيجة.. هذا أمر لا يعرف العبث ولا العناد… اللهم اهد الناس جميعًا إلى الحق.

___________________________

المصدر: بتصرف كبير عن موقع بيان الإسلام

http://bit.ly/1FMQqng

إرسال تعليق

 
Top