في عصر الجاهلية كان الخجل
والحياء يعبر عن الضعف، بل يعتبر شيئاً معيباً في حق الرجل، ولكن ماذا عن
نبينا عليه الصلاة والسلام! هل وافقهم على هذا الأمر؟ دعونا نرى ما
يقوله علماء النفس، وما قاله النبي الكريم قبل ذلك..
معظمنا يهرب من الخجل والحياء
محاولاً إخفاء أية مظاهر للحياء، ولكن لماذا يتميز البشر عن الحيوانات
بهذه العملية المعقدة وهي: الخجل؟ على الرغم من ذلك فقد أثبت علماء النفس
فوائد كثيرة للحياء. فهاهوالباحث Feinberg من جامعة تورنتو University of Torontoبكندا
يقول: إن الخجل والإحساس بالحياء واحمرار الوجه نتيجة بعض المواقف
المحرجة، هو عملية فيزيولوجية ونفسية مفيدة جداً للإنسان، ويجب ألا يخفيها
فهي تكسبه ثقة من حوله ويزيد من جذب الناس إليه ومحبتهم له.
كما يؤكد هذا الباحث أن عدم الإحساس بالخجل يعتبر أمراً سئياً! لذلك فإن الحياء يخدم غرضاً ما وهو مفيد على المدى الطويل.
ويؤكد الباحث Ray Crozier من جامعة Cardiffالفوائد
الكبيرة للخجل أو الحياء واحمرار الوجه، وبخاصة للنساء حيث تزيد من جاذبية
الشريك، بل إن الذين يبحثون عن الارتباط بزوجة غالباً ما يفضلون الفتاة
الخجولة، على عكس من يبحث عن علاقة عابرة.
يقوم
العلماء اليوم بدراسة الأثر النفسي والفيزيولوجي للحياء على الإنسان، حيث
تبين أن هناك مراكز خاصة في الدماغ تعمل بصورة أفضل أثناء الحياء، وهذا
يؤدي لتنشيط خلايا الدماغ وتساهم في رفع النظام المناعي للجسم... إذاً
الحياء لا يأتي إلا بخير.. هذا ما يقوله العلم.
إذاً الحقيقة العلمية تؤكد أن
للحياء فوائد طبية ونفسية، ولكن ماذا عن حبيبنا عليه الصلاة والسلام؟ كيف
تعامل مع الحياء، هل نهى عنه أو أمر به؟
طبعاً لو كان هذا النبي يريد
الشهرة والسلطة، إذاً لكان أخفى الحياء ونهى عنه وتميز بالجرأة والوقاحة
والغلظة؟ ولكن هذا لم يحدث، بل اعتبر أن الحياء من الإيمان!! قال عليه
الصلاة والسلام: (الحياء من الإيمان) [رواه البخاري].
وكما أن الدراسات العلمية
أكدت أن الخجل هو أمر صحي وله فوائد عديدة، ولا يقدم للإنسان إلا الخير
والفائدة.. فإن النبي صلى الله عليه وسلم سبق العلماء إلى الحديث عن ذلك
فقال: (الحياء لا يأتي إلا بخير) [البخاري ومسلم]. كما اعتبر أن الصفة التي تميز المسلم عن غيره هي الحياء، فقال: (إنَّ لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء) [رواه ابن ماجة].
بل إن النبي أخبر عن صفة يحبها الله في المؤمن فقال: (إنَّ الله حيي سِتِّير يحب الستر والحياء)
[رواه أبو داود]... ولذلك فإن حبيبنا عليه الصلاة والسلام كان أشد الناس
حياء، بل كان أشد حياء من العذراء في خدرها.. وهذا دليل على أنه رسول من
عند الله جاء رحمة للدنيا.. قال تعالى: (وَ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: 107].
إرسال تعليق