أوردالمعترضون حديث رسول الله صلى الله عليه و أله و سلم الذي قال: (يتنزل ربنا تباركوتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول : من يدعونيفأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له). فزعموا أن نزول الربيعنى أن يصير تحت مخلوقاته و ينافى استواءه على عرشه لأن الثلث الأخير يتكرر في كللحظة.
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله: و قد روى الثقات عن خيرالملابأنه عـــــــــــــز و جل و عــــــــلا يقول هل من تائب فيُـــــقبــــــــــل يجد كريـــــماً قابلاً للمـــــــــعـــذرةيمنبالخــــــــــيرات و الفضـائلو يستر العيــــب و يعطى الســائل أولا: نذكر النصارى أن صفة النزول ثابتة في كتابهم في مواضع شتى منها : ((فَنَزَلَالرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَيَبْنُونَهُمَا)) تكوين 11:5 . (( وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَوَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّا، أَنْزِلُ وَأَرَىهَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ وَإِلَّافَأَعْلَمُ»)) تكوين 20:18، 21 . ثانياً: أن نزول الله تعالى ليس كنزولمخلوقاته فنحن نثبت الصفة للرب إثبات بلا تشبيه و تنزيه بلا تعطيل تحت قاعدة (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) .قال شيخ الإسلامرحمه الله و قدس روحه: "و أما النزول الذي لا يكون من جنس نزول أجسام العبادفهذا لا يمتنع أن يكون في وقت واحد لخلق كثيرين و يكون قدره لبعض الناس أكثر أو أقلبل لا يمتنع أن يقرب إلى خلق من عباده دون بعض فيقرب إلى هذا الذي دعاه دون الذي لميدعه و جميع ما وصف الرب به نفسه فليس فيه ما هو عام لكل مخلوقاته كما في المعيةفالمعية وصف نفسه فيها بعموم و خصوص ، و أما قربه من يقرب منه فهو خاص لمن يُقربكالداعي و العابد و كقربه عشية عرفة و دنوه إلى السماء الدنيا لأجل الحجاج و إنكانت تلك العشية قد تكون وسط النهار في بعض البلاد و تكون ليلاً في بعض البلاد فإنتلك البلاد لم يدن إليها ولا إلى سمائها الدنيا و إنما دنا إلى السماء التي علىالحجاج و كذا نزوله بالليل ، و هذا كما أن حسابه لعباده كحسابهم كلهم في ساعة واحدةو كل منهم يخلوا به كما يخلو العبد بالقمر ليلة البدر فيقرره بذنوبه و ذلك المحاسبلا يرى أنه يحاسب غيره ، كذلك في حديث أبى هريرة (( إذا قال العبد الحمد لله ربالعالمين قال الله: حمدني عبدي ... )) إلى أخر الحديث .فهذا يقوله سبحانه لكلمصلى قرأ الفاتحة ممن لا يحصى عدده إلا الله كل منهم يقول الله له كما بقول لهذا ،و يحاسبهم كذلك فيقول لكل واحد ما يقول من القول في ساعة واحدة و كذلك سمعه لكلامهميسمع كلامهم كلهم مع اختلاف لغاتهم و تفنن حاجاتهم ، يسمع دعاءهم سمع إجابة و يسمعكل ما يقولون سمع علم و إحاطة لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ، ولا يتبرمبإلحاح الملحين ، فإنه سبحانه هو الذي خلق هذا كله و هو الذي يوصل الغذاء إلى كلجزء من البدن على مقداره و صفته المناسبة له ، و كذلك الزرع ، وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما ، فإذا كان لا يؤوده خلقه و رزقه على هذه التفاصيل فكيفيؤوده العلم بذلك أو سماع كلامهم أو رؤية أفعالهم و إجابة دعائهم سبحانه؟ ((وَمَاقَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ )) فمن كانت هذه عظمته كيف يحصره المخلوق سماء أوغير سماء حتى يقال إنه نزل إلى السماء الدنيا صار العرش فوقه و هو قادر أن ينزلسبحانه و هو على عرشه فقوله إنه ينزل مع بقاء عظمته و علوه على العرش أبلغ فيالقدرة و الموافقة و هو الذي فيه موافقة العقل و الشرع . كتبه الأخ/ ساري
إرسال تعليق