{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [1] قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [2] وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [3] إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ [4] عسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [5] }
-علق المدلس على هذه الآيات بما يلي :
1) ظلم النبي محمد زوجاته لأنه جامع السيدة ماريه على سرير السيدة حفصة في يومها فاكتشفت حفصة الخيانة فوبخته فأراد ترضيتها بأن حرم السيدة ماريه على نفسه بشرط أن تكتم هذه الفضيحة ، ولماذا هذا التحريم مادام الأمر حلالاً .
2) اذاعة السيدة حفصة السر لسيدة عائشة وعلم النبي محمد بذلك من تصرفاتها معه فزعم بأن ربه قد أعلمه بأنها أفشت السر فاعتزل جميع نسائه شهراً قضاه كاملاً مع السيدة ماريه القبطية الجميلة .
3) طلب النبي محمد جبريل بأنه يأتيه بما يتخلص به من قسمه بتحريم ماريه ، ويهدد نسائه الآخرين .
4) ضرب النبي محمد مثلاً لخيانة زوجتي لوط ونوح في ذات السورة استعراضاً لعضلاته على فتاتين لم تبلغا العشرين – عائشة وحفصة – وبأنه مدعوم من ربه وجبريل والمؤمنين من أصحابه و الملائكة ، وكل ذلك لأنهما فضحتا فعلته مع خادمته ماريه ... التحريم 4 .
5) بسبب التعدد غير المحدد وغياب العدل والمساواة بين نساء النبي محمد فقد انقسمت زوجات محمد الغيورات إلي قسمين حزب برئاسة السيدة عائشة والحزب الآخر تدعمه السيدة زينب بينت جحش .
6) مضايقات زوجات النبي محمد له وتهديده لهن بالطلاق – عسي ربه إن يطلقكن... – التحريم 5.
7) هل هذا كلام رب العالمين .
- رابعاً: الرد على تدليس المدلس عن سورة التحريم في ثالثاًو بنفس الترقيم الوارد في تدليسه :
1& 2& 3
أ - القصة التي أوردها المدلس على أساس أنها سبب نزول الآيات المذكورة هي رواية في غير صحيح البخاري أو مسلم ولم تأت أيضاً من طريق صحيح ( إرجع الي تفسيرالشيخ سيد طنطاوي في هذه الآية ) .
ب- القصة ولو ذكرتها بعض كتب التفاسير فسيكون ذلك من باب أمانة النقل العلمي لكل ما يقال عن الحدث ثم يأتي بعد ذلك دور المحققين الذين يفرزون ويحددون صحة كل ما قيل ، هذا والمسلمون لا يعتدون إلا بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة فقط .
جـ- أما الرواية الصحيحة لسبب نزول هذه الآية فهي كما ورد في حديث البخاري رقم 6691 وصحيح مسلم 1474 وهي ما روته عائشة عن "أن النبي كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا فتواصيت أنا وحفصة ، إن أيتنا ما دخل عليها النبي فلتقل : أني أجد منك ريح مغافير- طعام حلو كريه الرائحة - ، أكلت مغافير ؟ فدخل على أحداهما فقالت ذلك له ، فقال : بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له ، فنزل : لم تحرم ما أحل الله لك ، إن تتوبا الى الله -لعائشة وحفصة - ... وإذ أسر النبي الى بعض أزواجه حديثا لقوله بل شربت عسلا وقال إبراهيم بن موسى عن هشام : ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا " البخاري 6691 .
د- وتحريم النبي على نفسه العسل يعني أنه سيمتنع هو فقط عن شربه إرضاء لزوجاته لأنه كان يكره أن توجد منه رائحة كريهة، وليس تحريماً على أمته لأن التحريم لفظ مشترك مثل بقية الألفاظ ويأتي على الأوجه الآتية :
•بمعناه اللغوي : وهو الامتناع عن الشيء كقوله تعالى : " وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ " ( القصص 12) أي تحريم منع لا تحريم شرع .
وكقوله تعالى : " قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً " ( المائدة 26) أي تحريم منع دخولها لا تحريم شرع .
وهذا المنع قد يأتي بصورة يمين له كفاره إذن فلا صلة له بتحريم ما أحل الله للكافة ، ولذلك جاء في الآية التي بعدها مباشرة " قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ " أي كفارتها التي يحل منها مادام الأمر في غير معروف ويكون حينئذ العدول عنه أولى " والله مولاكم " فهو يعينكم على ضعفكم وعلى ما يشق عليكم ومن ثم فرض التحلل من الأيمان للخروج من العنت والمشقة .
•بمعناه الشرعي :
وهو الأمر من الله بالامتناع نهائياً عن بعض الأمور شرعاً " وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ " ( الأنعام 119) ، وذلك مثل قوله تعالى " إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ " ( البقرة 173) .
هـ- ولذلك فالتحليل والتحريم الشرعي من غير الله أمر لا يعرفه الإسلام " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ " ( الغاشية 21-22) ،بل يعرفه المدلس وكما أفاد بذلك الأستاذ متى في إنجيله 18/18 على لسان السيد المسيح عندما قال : " اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ " وبذلك أعطى سلطان للكنيسة ورجال الدين النصارى بالتحليل والتحريم كما ورد في تفسير انطونيوس فكري لهذه الآية " وهذا السيد يعطي للكنيسة سلطان للحل والربط "
ولقد استغلت الكنيسة ذلك في العصور الوسطى أسوأ استغلال فرأينا محاكم التفتيش وصكوك الغفران والحروب الصليبية ونشأة المذهب البروتستانتي الذي كفر بتسلط الكنيسة وبمبدأ الاعتراف لرجال الدين لكي يسمحوا بتناول " جسد ودم الرب" للامتلاء من الروح القدس( قبل الذهاب به للمرحاض) وما ربحت أوروبا إلا بعد أن طرحت الكنيسة جانبا ً .
و- ولأن الإسلام هو رسالة السماء الأخيرة ومنهجه هو الباقي للبشرية الى آخر الدهر ، ولذلك فالأمر يقتضي أن يقوم هذا المنهج في صوره متكاملة شاملة باختيار رسول بشر مثلنا يتمثل فيه وفي أسرته هذا المنهج بكل جوانب ويكون هو بذاته وبحياته الاجتماعية وعلاقته بأسرته الترجمة الصحيحة الكاملة للطبيعة البشرية .
ز- ولذلك جعل الله حياة النبي محمد الخاصة كتاباً مفتوحاً لامته وللبشرية كلها تقرأ فيه صورة هذا المنهج وترى فيه تطبيقاتها الفعلية وهذا ما عرضه القرآن دون تغطية حتى في مواضع الضعف البشري في حياة هذه الأسرة المختارة ثم تأتي بعد ذلك التوجيهات العامة للأمة على ضوء ما وقع في بيوت رسول الله وبين أزواجه .
ح- و النبي محمد لا يتصل بجبريل – ولعل المدلس يقصد نزول كبير أمناء وحي السماء وسفير رب العالمين جبريل عليه السلام – ليأتيه بما يريد لان لو كان الأمر كذلك فلماذا لا يتصل به المدلس أيضا ً ليأتيه بما يريد حيث أن محمداً من وجه نظر المدلس نبي كاذب ولذلك فنحن في انتظار اتصال المدلس وإفادتنا.
4) قال المدلس : " ضرب النبي محمد مثلاً لخيانة زوجتي لوط ونوح في ذات السورة على سيدتين – عائشة وحفصة – وبأنه مدعوم من ربه وجبريل والمؤمنين من أصحابه و الملائكة ، وكل ذلك لأنهما فضحا فعلته مع السيدة ماريه ... التحريم 4" ، ونقول :
أ – الذي ضرب المثلين هو الله وليس النبي محمد :
• المثال الأول : نساء كافرات في بيوت أنبياء :
" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ " ( التحريم 10) .
• المثال الثاني : نساء مؤمنات في وسط الكفار :
" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " ( التحريم 11-12) .
ب – ولذلك فإن هذه الأمثال ليست من قبيل استعراض العضلات – كما قال المدلس – ولكنها رسالة عامة للكافة ، وحتى قيام الساعة بأن كل نفس لا ينفعها إلا العمل الصالح ، ولا يؤثر عليها موقعها أو قربها من أي نفس آخري مهما كانت درجتها .
جـ- أما من كان عمرها يناهز العشرين فهي امرأة كاملة مثلها مثل السيدة مريم التي حملت في المسيح وهي ابنة إحدى عشر عاماً و مخطوبة ليوسف النجار الذي عمره يناهز التسعون عاما ً فلا غرابة في ذلك .
د – سبق وأن أوضحنا في ردنا على النقاط ( 1&2&3) بأن قصة السيدة ماريه هي رواية في غير الصحيحين البخاري ومسلم ، ولم تأت من طريق صحيح ولذلك فالعبارة التي ساقها المدلس – لأنها قضى فعلته مع السيدة ماريه – غير صحيحة أيضاً .
هـ- أما ما ذكر المدلس على أن نص الآية يدل على أن النبي محمد مدعوم من ربه أيضاً فالعبرة كما يقول بعموم النص لا بخصوص السبب فهذا النص القرآني للناس عامة وحتى قيام الساعة بصرف النظر عن سبب إنزاله لأزواج الرسول ولذلك فهو درس مستفاد من هذه الحادثة وهو أن :
باب التوبة مفتوح لمن أذى الرسول ولكن من يصر على أذاه فإن الله وليه وناصره فلن يضره ذلك الأذى وأيضاً جبريل وصالح المؤمنين والملائكة سيكونون أيضاً أولياؤه وناصروه .
5) قال المدلس : "بسبب التعدد غير المحدد وغياب العدل والمساواة بين نساء النبي محمد فقد انقسمت زوجات النبي محمد الغيورات إلي قسمين حزب برئاسة السيدة عائشة والحزب الآخر تدعمه السيدة زينب بينت جحش " ، ونقول :
أ – الثابت أن النبي محمد لم يتزوج بأي امرأة أخرى بخلاف زوجاته اللاتي كن في عصمته وذلك بنزول قوله تعالى : " لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ " ( الأحزاب 52) ، وبذلك سقطت شبهة المدلس بأن تعدده غير محلل .
ب- أزواج النبي محمد لا يتجاوز أعدادهن1% من أعداد أزواج سليمان الحكيم كما ورد في سفر الملوك الأول 11/3 " و كانت له سبع مئة من النساء السيدات و ثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه " .
جـ- السيدة عائشة لم تكن طفلة لأن عمرها وقت الزواج كان يناهز عمر سيدة نساء العالمين مريم – أم المسيح عليهما السلام – عندما حملت .
د – بخصوص انقسام الزوجات إلي قسمين فقد ثبت مما ورد أن القصة التي ذكرها المدلس غير صحيحة .
هـ- أما بخصوص غمز ولمز المدلس بكلمة الفاتنة على زينب بنت جحش فأننا نوكل الرد على ذلك لله سبحانه وتعالى .
و- أما بخصوص غياب العدل والمساواة بين نساء النبي محمد كما قال المدلس فإن ذلك لا أصل له بل يتعارض مع جاء به من شرع ومنهج نذكر منه على سبيل المثال لا الحصر :
• المائدة 8 :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " ، وفي هذه الآية أمر الله للمؤمنين – ورسوله أولهم – بالمحافظة التامة على أداء حقوق الله وأداء الشهادة على وجهها الحق ، وأن لا يحملهم بغضهم الشديد لقوم على عدم العدل معهم ، بل ضرورة الالتزام بالعدل فهو أقرب سبيل الى خشية الله والبعد عن غضبه هذا مع الأمر أيضاً بخشية الله سبحانه وتعالى فأنه عليم بكل فضل ومجازينا عليه .
• صحيح البخاري 4304: " قام رسول الله خطيبا ً وقال : إنما هلك من الناس قبلكم أنهم إذا سرق فيه الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفسي بيده : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ... ثم أمر الرسول بتلك المرأة فقطعت يدها " إن ذلك لا يصدر بالطبع إلا من إنسان هو العدل كله .
• صحيح البخاري 5199: " يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل قلت بلى يا رسول الله قال فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا "
هذا هو منهج محمد وهذه هي سيرته العدل كله صلى الله عليه وسلم .
6) أما ما ذكره المدلس عن مضايقات زوجات النبي محمد له وتهديده لهن بالطلاق – عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا... – (التحريم 5) ، فإننا نقول :
أ – لقد وعظ القرآن نساء محمد الرسول موعظة خاصة كصورة مما يحدث في الحياة البيتية لرجل كان ينهض بإنشاء أمة وإقامة دولة ، ويزاول إنسانيته كبشر مثلنا ،وفي الوقت نفسه يزاول مهمته كنبي يحمل الرسالة الأخيرة للبشر ومنهج الحياة الأخير فلم تفترق حياته البشرية عن رسالة النبوة " سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً " ( الإسراء 93) .
ب- ولذلك استفاد من اتبعوا سيرة نبيهم – بما فيها سيرة أهله وأقرب الناس إليه – واتخذوا ما فيها القدوة العملية الواقعية التي لا تعيش في هالات ولا في خيالات
جـ- لقد أتبع القرآن بعد وعظه لنساء النبي بموعظة عامة للمؤمنين في الآية التي تليها مباشرة فقال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا " ( التحريم6 ) ، وبذلك اكتملت موعظة القرآن للخاصة والعامة .
7) قال المدلس : " هل هذا كلام رب العالمين أم كلام شخص مرهق ومتعب من مشاكسات نسائه " ، ونقول :
أ – لقد اختار الله لرسالة السماء الأخيرة رسولاً بشراً مثلنا وجعل حياة نبيه كتاباً مفتوحاً لامته وللبشرية كلها تقرا فيها صورة هذا المنهج وترى فيه التطبيقات البشرية الفعلية – دون هالات أو خيالات – وهذا ما عرضه القرآن ليأتي بعد ذلك التوجيهات للامه على ضوء ما وقع في بيوت رسول الله وبين زوجاته ليستند إليها البشرية لقيام الساعة .
ب- لكن إذا كان المدلس قد حاول أن يتخذ من الأمور التي تحدث في كل بيت إنساني بين الرجل والمرأة نفقاً لينفذ منه للطعن في أزواج محمد ، فقد رفعهن الإسلام فأصبحن أمهات للمؤمنين كافة بينما حط كتابه المقدس من المرأة بصفة عامة وذلك بأنه على سبيل المثال لا الحصر :
• رسالة بولس الأولى الى كورنثوس 14/34-35 الترجمة اليسوعية :
ولتصمت النساء في الجماعات، شأنها في جميع كنائس القديسين، فإنه لا يؤذن لهن بالتكلم. وعليهن أن يخضعن كما تقول الشريعة أيضا
فإن رغبن في تعلم شيء، فليسألن أزواجهن في البيت، لأنه من غير اللائق للمرأة أن تتكلم في الجماعة.
وأما لماذا ذلك لأنه في الشريعة – سفر التكوين – 3/16 " وَالَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ " .
• نجاسة المرأة جاء في سفر اللاويين 15/19-23
وأية امرأة كان بها سيلان، أي سيلان دم من جسدها، تبقى سبعة أيام في نجاسة طمثها، وكل من لمسها يكون نجسا حتى المساء وكل ما تضجع عليه في طمثها يكون نجسا، وكل ما تجلس عليه يكون نجسا ، وكل من مس مضجعها يغسل ثيابه ويستحم في الماء ويكون نجسا حتى المساء ، ومن مس شيئا مما تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم في الماء ويكون نجسا حتى المساء ، وإن كان على مضجعها أو على ما هي جالسة عليه شيء، فإن مسه يكون نجسا حتى المساء . ( ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .
ولكن الأغرب من ذلك حتى تتخلص المرأة من نجاستها عليها أن تذهب الى الكاهن " بجوز حمام " كما ورد في سفر اللاويين 15/29 " وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ تَاخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ اوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَتَاتِي بِهِمَا الَى الْكَاهِنِ الَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ " ... وللقارئ أن يتخيل هذا المشهد المحرج للمرأة دون تعليق منا ... ولتحمد نساء المسلمين ربهم على نعمة الإسلام .
ولا يقول أحداً أن ذلك الأمر الغي في المسيحية لأن المسيح قد صرح في إنجيل متى 5/17 " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ " .
• أحكام النفاس للمرأة في سفر اللاويين 12/1-5:
إذا حبلت امرأة و ولدت ذكرا تكون نجسة سبعة أيام ... ثم تقيم ثلاثة و ثلاثين يوما في دم تطهيرها ... و إن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين كما في طمثها ثم تقيم ستة و ستين يوما في دم تطهيرها .
• عقوبات خاصة بالنساء بالكتاب المقدس - التثنية 25/5-10 :
إذا تخاصم رجلان بعضهما بعضا رجل و أخوه و تقدمت امرأة احدهما لكي تخلص رجلها من يد ضاربه و مدت يديها و أمسكت بعورته فاقطع يديها و لا تشفق عينك .
• الكتاب المقدس يفرض على المرأة أن تتزوج أخو زوجها إذا مات زوجها وإلا... التثنية 25/5-10 :
إذا سكن أخوة معا و مات واحد منهم و ليس له ابن فلا تصر امرأة الميت الى خارج لرجل أجنبي اخو زوجها يدخل عليها و يتخذها لنفسه زوجة و يقوم لها بواجب أخي الزوج والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت لئلا يمحى اسمه من إسرائيل و إن لم يرضى الرجل أن يأخذ امرأة أخيه تصعد امرأة أخيه الى الباب الى الشيوخ و تقول قد أبى اخو زوجي أن يقيم لأخيه اسما في إسرائيل لم يشأ أن يقوم لي بواجب أخي الزوج فيدعوه شيوخ مدينته و يتكلمون معه فان أصر و قال لا أرضى أن اتخذها تتقدم امرأة أخيه إليه أمام أعين الشيوخ و تخلع نعله من رجله و تبصق في وجهه و تصرح و تقول هكذا يفعل بالرجل الذي لا يبني بيت أخيه فيدعى اسمه في إسرائيل بيت مخلوع النعل ... لا تعليق . • الأنثى لا ترث إلا عند فقد الذكور في الكتاب المقدس سفر العدد 27/ 1-11
فقال الرب " أوصي بني إسرائيل أن أي رجل يموت من غير أن يخلف ابن تنقلوا ملكه الى ابنته " .
• حواء هي مصدر الخطيئة الأصلية ، ولذلك كان التشجيع على هجر الواج والرهبانية في المسيحية :
رسالة بولس الأولى إلي تيموثاوس 2/14 " لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ،وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ- أي حواء - أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي " ، فحواء هي التي أغوت آدم بعصيان الله والأكل من الشجرة في الجنة ولذلك يفسر انطونيوس نكرى هذا العدد ويقول : " فالمرأة أكثر تعرضا للخداع لذلك فعليها أن لا تعلم الرجل ... ولا تعليق .
ويؤكد ذلك سفر التكوين 3/6 " فَرَاتِ الْمَرْاةُ انَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلاكْلِ وَانَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَانَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَاخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَاكَلَتْ وَاعْطَتْ رَجُلَهَا ايْضا مَعَهَا فَاكَلَ " .
وماذا كان موقف آدم بعد أن أكل من الشجرة وسأله الله في سفر التكوين 3/11-12 " ...هَلْ اكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي اوْصَيْتُكَ انْ لا تَاكُلَ مِنْهَا؟ فَقَالَ ادَمُ: الْمَرْاةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ اعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَاكَلْتُ " ... أما موقف آدم هنا في التنصل من التهمه بقوله " الْمَرْاةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي " فنتركه لذكاء القارئ ولا تعليق .
وهكذا كانت حواء التي أقنعت آدم بالأكل من الشجرة هي السبب في الخطيئة التي أورثها آدم لنا – طبقاً لمفهوم الكتاب المقدس – والتي ترتب عليها ضرورة إرسال الله – نفسه – ليتجسد في جسد المسيح حتى يصلب الله ويقدم كقربان وكذبيحة ليغفر الله نفسه خطيئة آدم المورثة والتي أغوته بها حواء اللي مفيش سيره عن خطيئتها ومسحها ... ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فهل ما قيل يصح أن يكون من رب العالمين ، وهل يصح أن ينزل رب العالمين من عليائه ليضرب و يشتم ويصلب ويبصق عليه – حاشاه – ليغفر هذه الخطيئة الموروثة – التي لا ذنب للذي ورثها فيها – حتى يرضي رب العالمين نفسه ويسامح .
وعلى النقيض نرى القرآن الكريم يقص هذا المشهد وقصة الخطيئة الأصلية ببساطة شديدة دون تعليق :
البقرة 35-36-37 : " وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " ،هكذا في كلمات معدودة بدأت وانتهت وحلت حدوتة الخطيئة الأصلية وعدم توريثها وغفرانها لآدم من صاحب العفو دون الحاجة الى أن ينزل بنفسه ويموت ليغفر للغير حتى يرضي نفسه .
خلاصة ما تقدم للتدليس رقم (12)بما يتعلق بسورة التحريم ساق المدلس قصة غير صحيحة عن سبب نزول سورة التحريم و بنا عليها تدليسه 1) لما كان الإسلام هو رسالة السماء الأخيرة ومنهجه الباقي لآخر الدهر فقد جعل القرآن الكريم حياة محمد الخاصة كتاباً مفتوحاً لامته وللبشرية كلها لأنه بشر يمارس حياته مثلنا ، وهو في نفس الوقت رسول الله نقتدي به ونأخذ من حياته البيتية توجيهات ودروساً لنا جميعاً . 2) ضرب الله مثلين : • الأول نساء كافرات في بيوت الأنبياء " امرأة نوح ولوط " • الثاني نساء مؤمنات في وسط كافر " امرأة فرعون ومريم بنت عمران" وذلك كرسالة عامة للكافة وحتى قيام الساعة بأن كل نفس لا ينفعها إلا العمل الصالح ، ولا يؤثر عليها موقعها أو قربها من الغير . 3) شريعة محمد هي شريعة العدل والمساواة حتى مع من بغضهم " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " (المائدة 8) . 4) احترام الإسلام لأزواج النبي فجعلهن أمهاتاً للمؤمنين كافة بينما حط الكتاب المقدس من المرأة بصفة عامة ومنها : • عدم السماح بالتكلم في الجماعة ، وعدم تعلمهن إلا من أزواجهن في البيوت. • نجاسة المرأة أثناء الحيض ، وفي حالة ولادتها لأنثى يكون مدة نجاستها ضعف المدة في حالة ولادتها ذكر! • هناك عقوبات خاصة بالنساء " قطع اليد ". • فرض زواج المرأة بأخو زوجها إذا مات زوجها وإلا .... • الأنثى لا ترث إلا عند فقد الذكور في الكتاب المقدس . • حواء هي مصدر الخطيئة الأصلية ولذلك كان التشجيع على هجر الزواج والرهبانية في المسيحية . • حواء هي التي أغوت آدم وترتب على ذلك نشأة الخطيئة الأصلية التي تم توريثها لذرية آدم – دون ذنب ارتكبوه حتى قرر الله فجأة أن يتجسد في جسد المسيح حتى يصلب الله - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - ويقدم كقربان وكذبيحة ليغفر الله نفسه... خطيئة آدم المورثة – والتي لا ذنب للذي ورثها فيها – حتى يرضي الله نفسه رب العالمين ويسامح ونحن في انتظار من سيغفر خطيئة حواء التى هي اصلاً أساس لخطيئة آدم ولا حول وقوة إلا بالله. |
||
إرسال تعليق
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.