رحـمـة : نطقتُ بالشهادة ، فشعرتُ بأني ملكت الدنيا كلها بيدي
اسمها
قبل أن تسلم ” مرسي جوزيف “، وكلمة merci كلمة فرنسية ، ومعناها بالعربية ”
رحمة ” ، وقد رحمها الله سبحانه وتعالي بأن هداها للإسلام بعد ما مرت به
من تجارب في حياتها ، ولما أسلمت اختارت لنفسها اسم رحمة ، وهكذا جمعت في
اسمها كلمة الرحمة قبل وبعد الإسلام .
رحمة في الهند
توفي
والدي ، وأنا صغيرة أبلغ من العمر خمس سنوات ، وكان والدي محاضرًا في
الجامعة ، وعملت أمي في حقل التمريض والمداواة بالأعشاب الطبية، وتلقيت
تعليمي حتى المرحلة الثانوية ، ثم تعلمت الكمبيوتر .
كنا نعيش في منطقة شيهنيا chehkeu التابعة لولاية مدراس بالهند ، وهي منطقة كلها مسيحيون ، وقليل جدًّا من سكانها مسلمون .
ولما
وصلت إلى سن الخامسة عشرة تزوجت ، وأنجبت بنتًا وولدًا ، وعشت مع زوجي الذي
لا يعمل حياة قاسية صعبة بين الفقر وتربية الأطفال وزوج لا يعمل ، فالتجأت
إلي الكنيسة لأصلي فيها وأقرأ الإنجيل الذي أصبح ملازماًً لي في حقيبتي.
إسلام أم رحمة
جاءت
أمي إلى الكويت للعمل بعد انفصالها عن والدي ، وتعرفت على رجل هندي مسلم ،
فطلبها للزواج بشرط أن تسلم ، فأسلمت باللسان فقط ، وظلت كما هي مسيحية
تذهب إلي الكنسية ، وتضع الصليب على رقبتها ، وتقول : ” لا إله إلا الله ،
محمد رسول الله ” . ولم تكن تعي معنى هذه الكلمات ، والتي لو علمتها ووعتها
لغيرت حياتها .
رأيت
أمي مسلمة شكلاً ، وعرفت أنها أسلمت من أجل الزواج فقط ، فقلت : أنا أفضل
منها ، لأني مسيحية نصرانية ، وأقرأ الإنجيل وأصلي صلاة النصارى .
رحمة في الكويت
عندما
بلغت العشرين من عمري جئت إلى الكويت عام 1998م ، ورأيت أن الكل هنا يدين
بدين الإسلام ، فكنت في حيرة من أمري ، لا أدري ما الطريق الحق ، وعملت لدى
أحد الأسر ، ورأيت الأم والأب والأبناء يصلون ، ولكن كانت معاملتهم قاسية
وألفاظهم كذلك ، حتى وصل الأمر في بعض الأحيان على أن أتعرض للضرب ومنع عني
الأكل ، ولا أحد يسأل ماذا تريدين ؟ والسؤال الدائم لي هو : اعملي ،
واعملي فقط لا غير .
تركت العمل عند هذه الأسرة ومشاكلها، وقلت لنفسي : أنا أفضل منهم ، أنا نصرانية ، وأقرأ الإنجيل وأصلي صلاة النصارى .
ثم عملت
لدى أسرة مسلمة أخري ، ولم أر أحدًا من هذه الأسرة يصلي ، وجاء يوم العيد ،
فرأيت الناس يصلون صلاة العيد بأعداد كبيرة ، إلا أن الأسرة التي أعمل
لديها نائمة أفرادها ، ولا يستيقظون لصلاة العيد ، فقلت في نفسي : أنا أفضل
منهم ، أنا نصرانية ، وأقرأ الإنجيل وأصلي صلاة النصارى .
حديث رحمة مع البنغالي
لما
لبست العباءة والحجاب تعرف عليَّ رجل بنغالي مسلم ، وكان يظن أني مسلمة،
وبدأ يعلمني الإسلام ، فرفعت الإنجيل الموجود في حقيبتي ، وقلت بقوة : أنا
نصرانية وسأموت نصرانية .
وبعد أن عرف أني نصرانية لم يمنعه ذلك من العودة إلي الحديث عن القرآن الكريم والإنجيل .
ثم
تعرفت على مهندس مصري يتحدث الإنجليزية ، فكلما رآني حدثني عن الإسلام ،
وأعطاني كتبًا عن التعريف بالإسلام من لجنة التعريف بالإسلام ، وكنت لا
أسمع ولا أعي ، وأقول في نفسي: أنا أفضل منكم ، أنا نصرانية ، وأقرأ
الإنجيل ، وأصلي صلاة النصارى .
رحمة وصديقتها مع الحارس الأمين
كانت لي
صديقة تعمل في محل لبيع الورد ، وعرض عليها صاحب المحل أن تدخل في الإسلام
، فرفضت وتركت العمل في هذا المحل ، فذهبنا إلى حارس العمارة القريبة من
سكننا ، نسأله أن يساعدها في الحصول على عمل ، وحارس العمارة اسمه شاة
الأمين ، وهو بالفعل أمين ، وهو هندي مسلم يتحدث اللغة التاميلية ، وكان
يظن أني مسلمة ، وكان يقول للنساء اللاتي يردن منه أي طلب : لا تدخلوا غرفة
الحارس ، وقولوا ما عندكم على الباب .
وذات
يوم جئت مع صديقتي ، فقابلنا هذا الحارس ، فإذا به يدعونا إلى الإسلام ،
وبدأ الحديث يدور عن دين الإسلام ، فقلت له : أنت رجل مجنون ، وتقول كلام
مجانين ، أنا أفضل منكم لأني نصرانية ، وأقرأ الإنجيل ، وأصلي صلاة النصارى
.
وذات
يوم تناقشت مع هذا الحارس عن الإسلام ، وأنا غير مقتنعة بما يقول ، أجادله ،
وأدافع عن النصرانية ، فقال لي في ختام الحديث : أريد أن أقول لك كلامًا.
فقلت : ماذا تريد؟
فقرأ
قول الله تعالى : ” قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ
يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ” .
فلما سمعتها منه اهتز جسدي وقلبي ، وكأن تيارًا كهربائيًّا أصابني .
فقلت : ما هذا الذي تقول ؟ هذا كلام لم أعرفه ولم أشعر بهذا الإحساس من قبل ، وجسدي كله يهتز ، وقلبي ينبض بقوة .
فقال لي : إن ما سمعتي هو سورة في القرآن الكريم ، وهي سورة الإخلاص ، تبين قضية التوحيد في القرآن الكريم .
فظللت أردد سورة الإخلاص ، وأرددها، وأنا أبكي ويقشعر بدني ، وكان هذا هو أول ما دخل الإسلام في قلبي .
ملكت الدنيا كلها بدخولي الإسلام
وظللت
أقرأ مع صديقتي الكتب التي معنا من لجنة التعريف بالإسلام ، وهي : “محمد في
الإنجيل” و “الإسلام والهندوسية”. وبعد ستة شهور أسلمت واستسلمت لرب
العباد ، وخضعت لخالق السماء والأرض الواحد القهار بعد ما سمعت من الحارس
أمين أفضل وأجمل وأعظم سورة في القرآن الكريم ، وعرفت أن الله واحد ، وليس
ثلاثة .
أخذني المهندس كمال إلى لجنة التعريف بالإسلام بالسالمية ، فأشهرت إسلامي ، ونطقت بالشهادتين . وكان ذلك في تاريخ 13/9/2003م .
لا أستطيع أن أصف إحساسي عندما نطقت بالشهادة ، فلقد شعرت بأني ملكت الدنيا كلها بيدي
انضممت
إلى قسم الفصول الدراسية بلجنة التعريف بالإسلام, وبدأت بالمستوي الأول
لحفظ القرآن الكريم ، وجاء ترتيبي الأولي علي مجموعتي . وقد حفظت والحمد
لله أغلب جزء عم .
وأنا الآن أداوم على حفظ القرآن ، وأحافظ على الصلاة ، وأشعر بالأمان وبأني أكثر قوة . وأقرا في صحيح البخاري وسنن الترمذي .
امتحان وابتلاء
بعد
إسلامي واجهتني مشكلات مع زوجي المسيحي ، فتحملت من أجل أولادي لمدة ستة
شهور ، وأنا أحاول أن أدعوه إلى الإسلام ، لكنه عاند وكابر ، وكان إذا رآني
أصلي ألقى بسجادة الصلاة في القمامة ، وحاول مرارًا أن يقتلني . وهنا لجأت
إلى المحكمة لطلب الطلاق والانفصال عنه .
رحمة وأسرتها الجديدة
أحمد
الله أني كنت سببًا في تثبيت أمي على دين الإسلام، وإقناعها به ، لتصير
مسلمة بحق وصدق، وكذلك زوجي الجديد واسمه عبد الرحمن ، وكان بوذيًّا، فأسلم
على يدي ، وقد أنجبت منه بنتين هما نورا ومريم ، ونورا ابنتي الكبيرة
عندها ثلاث سنوات ، وتحفظ سورة الفاتحة والإخلاص، ونشيدًا إسلاميًّا وبعض
الأحاديث النبوية .
وكذلك أسلمت صديقتي التي صحبتني معها إلى اللجنة في قسم الفصول الدراسية.
رحمة سبب في إسلام أمريكي
كنت
أعمل لدى أحد الأمريكان . وكان العمل معهم مريحًا ؛ لأني أعمل جزءًا من
النهار عندما يخرجون إلى عملهم ، فأقوم بعمل ما يلزم من التنظيف وأعداد
الطعام ، ثم أذهب إلى مكان سكني .
وكنت ألبس العباءة والحجاب ، لأني أرتاح في هذا اللبس ، وأشعر أنه يكون سببًا في حفظي من الأذى والمضايقات .
وكنت
وأنا أعمل أداوم على ذكر الله سبحانه ، وأجعل من ذلك وسيلة لدعوة الناس إلى
الإسلام ، وقد تأثر صاحب البيت الأمريكي بهذا السلوك ، وكان يعاملني
معاملة طيبة ، وقد قمت بدعوته إلى الإسلام ، وأهديته كتابًا عن قصص
الأنبياء أخذته من لجنة التعريف بالإسلام .
فشكرني على هذا الكتاب ، وقال لي : إنها هدية جيدة جدًّا .
وفي أحد الأيام إذا به يتصل بي ، ويشكرني ، ويخبرني أنه قد دخل في الإسلام ، ففرحت بذلك فرحًا كبيرًا .
رحمة وأداء العمرة
ذهبت
إلى العمرة عام 2006 م مع زوجي ، وعندما رأيت الكعبة قلت في نفسي : هذه
الكعبة التي طاف حولها أنبياء الله ، وهأنذا أطوف في نفس المكان المقدس
الذي طاف فيه رسول الله . وشربت من ماء زمزم ، وتذكرت قصة هاجر أم إسماعيل .
أثر الإسلام في شخصية رحمة
قبل
الإسلام كان الخوف يسيطر علىٌَ ، ولا أستطيع أن أدافع عن نفسي ، وكنت أشعر
باضطهاد نفسي كبير ، أما بعد الإسلام ذهب الخوف مني ، ولم أعد أخاف من أحد
غير الله سبحانه , وأصبحت جريئة قوية شجاعة وسعيدة .
هدف رحمة بعد إسلامها
انتقلت
في الهـــند على منـــطقة أخرى ، بها أغلب سكانها من المســلمين ، وأنا
أقـوم بمساعدتهم والتبرع للمسجد الموجود هناك بقدر استطاعتي ، وأحلم أن
أنشئ مركزًا إسلاميًّا ، ودارًا لرعاية الأيتام ، وأن أبني مسجدًا في الهند
، وأُعَلِّم المسلمين لأنهم يجهلون دينهم ، وأدعو غير المسلمين .
وأنا الآن راضية وسعيدة في حياتي الجديدة . والحمد لله أني مسلمة ، أقرأ القرآن الكريم ، وأصلي صلاة المسلمين .
إرسال تعليق
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.