تَفْرُّقُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ تَفَرُّقُ
أَهْلِ الْكِتَابِ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
كُلٌّ يَقُولُ فِيهِ قَوْلًا هُوَ نَظِيرُ تَفَرُّقِ سَائِرِ الْكُفَّارِ،
فَإِنَّ الْكُفَّارَ بِالْأَنْبِيَاءِ مِنْ عَادَاتِهِمْ أَنْ تَقُولَ
كُلُّ طَائِفَةٍ فِيهِ قَوْلًا يُنَاقِضُ قَوْلَ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى،
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ،
وَأَقْوَالُهُمْ كُلُّهَا أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ بَاطِلَةٌ، وَهَذَا هُوَ
الِاخْتِلَافُ الْمَذْمُومُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي
قَوْلِهِ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}
[هود: 118] .
وَفِي قَوْلِهِ: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: 8] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [البقرة: 176] .
وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ
بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ –
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 105 – 106] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا
مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا
بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}
[المائدة: 14] .
وَمِثَالُ أَقْوَالِ الْكُفَّارِ فِي الْأَنْبِيَاءِ مَا ذَكَرَهُ تَعَالَى
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى
عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا – الَّذِي لَهُ مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا –
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ
يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا
يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا – وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ
آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا – وَقَالُوا أَسَاطِيرُ
الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا –
قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا – وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ
يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ
مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا – أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ
تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ
تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا – انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ
الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} [الفرقان: 1 – 9] .
فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْكُفَّارَ ضَرَبُوا لَهُ أَمْثَالًا
كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، ضَلُّوا فِيهَا عَنِ الْحَقِّ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ
مَعَ الضَّلَالِ سَبِيلًا إِلَى الْحَقِّ، وَضَرْبُ الْأَمْثَالِ لَهُ
يَتَضَمَّنُ تَمْثِيلَهُ بِأُنَاسٍ آخَرِينَ، وَجَعْلَهُ فِي تِلْكَ
الْأَنْوَاعِ الَّتِي لَيْسَ هُوَ مِنْهَا، وَلَا مُمَاثِلًا
لِأَفْرَادِهَا، مِثْلُ قَوْلِهِمْ: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ
وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4] .
مَثَّلُوهُ بِالْكَاذِبِ الْمُسْتَعِينِ بِمَنْ يُعِينُهُ عَلَى مَا
يَفْتَرِيهِ، وَمَثَّلُوهُ بِمَنْ يَسْتَكْتِبُ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ
مِنْ غَيْرِهِ، فَتُقْرَأُ عَلَيْهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَهُوَ
يَتَعَلَّمُ مِنْ أُولَئِكَ مَا يَقُولُهُ، وَمَثَّلُوهُ بِالْمَسْحُورِ،
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا
بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا
مَسْتُورًا – وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ
وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ
وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا – نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا
يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ
يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا –
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ
سَبِيلًا} [الفرقان: 45 – 9] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي
وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ – لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا
بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ
لِلْمُؤْمِنِينَ – وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ – كَمَا
أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ – الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ
عِضِينَ – فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ – عَمَّا كَانُوا
يَعْمَلُونَ – فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ –
إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ – الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ
اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 87 – 96] .
قَالَ كَثِيرًا مِنَ السَّلَفِ: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ:
هُمُ الَّذِينَ عَضَّهُوهُ، فَقَالُوا سِحْرٌ، وَشِعْرٌ وَكِهَانَةٌ،
وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
– وَمَا لَا تُبْصِرُونَ – إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ – وَمَا هُوَ
بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ – وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ
قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ – تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ – وَلَوْ
تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ – لَأَخَذْنَا مِنْهُ
بِالْيَمِينِ – ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ – فَمَا مِنْكُمْ مِنْ
أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ – وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ –
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ – وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ
عَلَى الْكَافِرِينَ – وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ – فَسَبِّحْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الحاقة: 38 – 52] .
وَقَالَ: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا
مَجْنُونٍ – أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ –
قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ – أَمْ
تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ – أَمْ
يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ – فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ
مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور: 29 – 34] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ – نَزَلَ
بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ –
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ – وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ –
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي
إِسْرَائِيلَ – وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ –
فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ – كَذَلِكَ
سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ – لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى
يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ – فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا
يَشْعُرُونَ – فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ – أَفَبِعَذَابِنَا
يَسْتَعْجِلُونَ – أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ – ثُمَّ
جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ – مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا
يُمَتَّعُونَ – وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ –
ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الشعراء: 192 – 209] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ – وَمَا
يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ – إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ
لَمَعْزُولُونَ – فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ
الْمُعَذَّبِينَ – وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ – وَاخْفِضْ
جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ – فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ
إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ – وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ
الرَّحِيمِ – الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ – وَتَقَلُّبَكَ فِي
السَّاجِدِينَ – إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ – هَلْ أُنَبِّئُكُمْ
عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ – تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ
أَثِيمٍ – يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ – وَالشُّعَرَاءُ
يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ – أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ
يَهِيمُونَ – وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ – إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا
أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 210 – 227] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا
بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا
وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ – وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا
الْكَافِرُونَ – وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا
تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ – بَلْ هُوَ آيَاتٌ
بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ
بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ – وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ
آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا
أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ – أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ – قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ –
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ
الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ –
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ
بِالْكَافِرِينَ – يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ
تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}
[العنكبوت: 46 – 55] .
وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ
فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور: 33] .
وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ
سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ
اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ – فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ
فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود: 13 – 14] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ – فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ
تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 23 – 24] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ – فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ
مُبِينٌ – وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ
مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 49 – 51] .
وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ الْكُفَّارِ فِي
الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ كَمَا قَالَ: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ –
أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 52 – 53] .
وَقَالَ تَعَالَى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت: 43] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا
شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ
الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا
يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112] .
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا عَنْ مُوسَى
عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سَاحِرٌ، وَأَنَّهُ مَجْنُونٌ، فَقَالَ
فِرْعَوْنُ: {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ
لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27] .
وَقَوْلُهُ: {وَقَالُوا يَاأَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [الزخرف: 49] .
وَقَالَ: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} [طه: 71] .
وَكَذَلِكَ قَالُوا عَنِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي
رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ
التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ
أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ
مُبِينٌ} [الصف: 6] .
وَذَكَرَ تَعَالَى عَنِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ قَالُوا عَلَى مَرْيَمَ
بُهْتَانًا عَظِيمًا، فَقَوْلُ الْيَهُودِ فِي الْمَسِيحِ مِنْ جِنْسِ
أَقْوَالِ الْكُفَّارِ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ كُفَّارِ
أَهْلِ الْكِتَابِ فِي خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
المصدر المسيح كلمة الله
إرسال تعليق