كي تنشأ الحياة على الأرض أو غيرها، لا يكفي وجود “العناصر الأساسية” و”الظروف المواتية”.
ديفيد كلينهوفر
وضعتُ الأدوات والمكونات بعناية في ركن المطبخ.. علبتين تونة، كيس من النودلز، كتلة من جبن الشدير، بالإضافة إلى البصل، والبازلاء الخضراء المجمدة، وكريم حساء الماشروم المكثف، وعلبة من قطع الماشروم، وكوب من قطع البطاطس (للتزيين).
المعدات جاهزة؛ وعاء الخلط، مقلاة الخبز، وعاء من الماء لسلق النودلز، وفتاحة العلب، ومبشرة للجبن، ومصفاة للمكرونة. لوح للتقطيع وسكين لتقطيع البصل. افتح أحد أعين الموقد، وضع الفرن على درجة 425 ف.
عائلتك جائعة، ولكن كل شيء في مكانه! طريقة إعداد الوصفة تخبرك بأن التجهيز يستغرق 15 دقيقة والطبخ 20 دقيقة، وبالطبع هذا على أقصى تقدير.
الآن، اجلس واسترح.. كم من الوقت سيستغرق حتى تُجمِع هذه العناصر نفسها لعمل طبق المكرونة بالتونة؟ صب لنفسك كوبا من العصير وشاهد هذا يحدث.
ها! أنت قلق الآن لأن الأغراض ليست لديها وسيلة لكي تجتمع سويا بشكل فيزيائي؟
حسنا، بينما تمر الأيام وأنت تستمر في التحديق باهتمام في طبقك غير المجمع، ربما زلزال (سياتل) المتوقع سيأتي ويدفع هذه الأشياء لكي تجتمع. يصطدم الجُبن مع المبشرة، وعلبة التونة تقرع فاتح العلب، والماء يطوف في وعاءه وبعض منه يخرج إلى كيس الباستا المغلق ويرمي البعض الكافي منها بعد الاصطدام.
سخيف!
لكن ليس أكثر سخفا من القصص التي أصبحت سمة منتظمة لأخبار العلوم التي تتوقع –مع الفارق في هذا القياس– بعجائب عظام ستحدث تلقائيا حينما تظهر “مكونات” الحياة أو بعض منها في مكان ما.
سواء كان هذا في كوكب بعيد –مشابه للأرض- خارج المجموعة الشمسية، أو في مرحلة سابقة من الأرض نفسها. هذا الأسبوع كلا الأمرين أتى من (ناسا) و(نيتشر).
أصدرت (ناسا) تقاريرًا باكتشاف العالَم الجديد (كيبلر-425ب) على بعد 1400 سنة ضوئية تقريبا، والذي على ما يبدو يشبه الأرض في نواح رئيسية، ويدور في المنطقة “الصالحة للسكن” حول نجم شبيه بشمسنا. حيث ورد في (ساينس ديلي).
“يمكننا اعتبار (كيبلر-452ب) كابن عم للأرض –أكبر حجما وسنا- يقدم فرصة للفهم والتفكر في البيئة المتطورة للأرض”، قالها جون جينكينز محلل بيانات كيبلر في مركز أبحاث آيمز –التابع لناسا- في موفيت فيلد بكاليفورنيا، والذي قاد الفريق الذي اكتشف (كيبلر-452ب). “إنه لأمر مَهيب أن نضع في اعتبارنا أن هذا الكوكب أمضى ستة مليار عام في المنطقة الصالحة للسكن من نجمه؛ أكثر مما قد أمضت الأرض. تلك الفرصة الجوهرية لقيام حياة، تجعل من الضروري وجود كافة المكونات والشروط اللازمة لنشأة حياة على هذه الكوكب.”
نشأة الحياة على الأرض.. فقط تغير في مستوى الأكسجين!
في تلك الأثناء على الأرض، أُخبرنا أن نشأة حياة معقدة من أشكال أبسط يجب أن تكون أكثر من مجرد فرقعة كما كان يُعتقد. التنظيرات السابقة قالت إنه يشترط سيلان كميات وافرة من الأكسجين في البحار القديمة. الآن، تلك الإضافة يجب أن تُرى على أنها أكثر حداثة، ومرة أخرى مع (ساينس ديلي).
“وفقا لفريق بحثي من عدة مؤسسات -والذي ضم علماء جيولوجيا من جامعة فيرجينيا للتقنية-، فلو أن الأكسجين كان قائد التطور المبكر للحيوانات، فمجرد ارتطام بسيط في معدلاته سهل الأمر”.
الاكتشاف المنشور في مجلة (نيتشر) دعا إلى التساؤل حول النظرية -التي طال طرحها- بأن التغير الدراماتيكي في معدلات الأوكسيجين، ربما كان المسؤول عن ظهور أشكال الحياة المعقدة كالحيتان والقروش والحبار المتطور من أشكال أقل تعقيدا من الحياة كالعضيات المجهرية والطحالب والاسفنجيات.
اكتشف الباحثون ارتفاع معدلات الأكسجين في الماء والغلاف الجوي، لكنها معدلات أقل مما تُوقع أنها ضرورية لحدوث تغيرات الحياة. يقول بنجامين جيل (الأستاذ المساعد في العلوم الجيولوجية بكلية العلوم): “نقترح أنه منذ 635 مليون إلى 542 مليون عام، تخطت الأرض عتبة صغيرة –لكن حرجة– في أكسجة الحيوانات”. “تلك العتبة كانت تتراوح بين ارتفاع بنسبة من 10 إلى 40 %، وكانت المرة الثانية في تاريخ الأرض التي يرتفع فيها معدلات الأكسجين بشكل ملحوظ”.
هل تتبع المنطق؟
لو أن الأكسجين كان “قائد التطور المبكر للحيوانات”، فبالتالي فقط “ارتطام صغير” كان لازما، بما أن هذا كل ما كان متاحا.
لقد قلنا مرارا قبل ذلك، سواء على كوكبنا أو كواكب أخرى، المكونات والشروط قاصرة تماما عن تفسير تطور الحياة على الأرض من اللاحياة، أو تطور البسيط إلى المعقد.
في الواقع، فرصة أن يجهز طبق التونة بنفسه أفضل بكثير من فرصة تلك الأمور -توقع نشوء الحياة بناء على وجود الشروط والمكونات-، إذ أننا على الأقل نعلم طريقة إعداد الطبق. فمعرفة المكونات وترتيبها في المطبخ مختلف عن معرفة كيف من المفترض أن تختلط مع بعضها. لو كانت الحياة طبقا؛ فنحن جاهلون تماما بما يمكن أن يكون طريقته، وإلا كنا سنصنعها بنفسنا الآن في المعمل!
لو أنك جائع الآن، هل تعتقد أنها مسألة وقت فقط قبل أن يجهز الطعام؟ مع هذه الأخبار العلمية، هذا هو مستوى السخافة التي نتحدث عنها.
_________________________________________________
المصدر: موقع مركز مجلة براهين http://www.braheen.com
إرسال تعليق