الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
عاش
عيسى ابن مريم، عليه السلام، والحواريون ، يعبدون الله تعالى في مسجد
أنبياء بني إسرائيل، المسمى (الهيكل) ، لفضله، وعراقته . ولم يشأ المسيح أن
ينفصل بجماعته المؤمنين عن عامة اليهود، أو أن يتخذ لنفسه وحوارييه مصلى
خاصاً، فضلاً أن يأمر أتباعه بذلك . وبعد رفع المسيح، عليه السلام، ظل
الحواريون، والتلاميذ، يواصلون صلواتهم في ذات المسجد الشريف، وحيثما حلوا
صلوا في معابد اليهود . وكان يطلق على ذلك الرعيل الأول ( أساقفة الختان ) ،
أو هكذا أطلق عليهم مخالفوهم من أتباع بولس . ومن المقطوع به لدى مؤرخي
الكنيسة أن المسيح لم يؤسس كنيسة مستقلة .
وحين
تنامى الاتجاه البولسي في أنحاء الامبراطورية الرومانية، خرجت فكرة
الكنيسة من صورتها البسيطة العفوية إلى ضرب من المؤسسة الدينية المعقدة،
ذات الرتب الدينية المتدرجة ( الشماسية، القسوسية، الأسقفية ) والطقوس
التعبدية الحادثة، والبناء الهندسي الخاص . وأثقلت لاحقاً بالأيقونات
والتماثيل في أرجائها ، وخصص لها فرق إنشادية تتلو الصلوات على أنغام
الآلات الموسيقية، إلى غير ذلك من الإضافات . وتم طرد ورثة المسيح وأقربائه
، الذين كانوا ينبزون بأساقفة الختان، عام 135م، من قبل أتباع بولس،
وسلبوهم رئاستها .
لقد
تحولت البقعة المخصصة لأداء الشعائر والصلوات، إلى ما يشبه هياكل
الوثنيين، في صورتها المعقدة، وتنظيماتها الكهنوتية ، وفقدت صبغتها
الإيمانية بالإغراق في الشكليات من جهة، وفي الوقوع في الضلال العقدي من
جهة أشد . وفي غضون تاريخ الكنيسة تم إرساء مجموعة من ( الأسرار الكنسية )
العجيبة، يجزم المؤرخ، واللاهوتي أنها لا تمت إلى دين المسيح بصلة، بل كانت
جملةً من البدع والهرطقات، أحدثها بولس، وزاد عليها الأحبار والرهبان على
توالي السنين . وسوف نتناول في الحلقات التالية الحديث عن هذه الأسرار،
والتأمل في حقيقتها الدينية . والله الهادي إلى سواء السبيل .
المصدر العقيدة والحياة
المصدر العقيدة والحياة


إرسال تعليق