شبهة وردها:
قد يقول البعض أو يزعم من في قلبه مرض أن هذه المعجزات الباهرة والآيات الظاهرة التي أوردنا أمثلة منها، إنما اختص المسلمون بنقلها فما الدليل على وقوعها، والإجابة على هذه الشبهة الباطلة، من وجوه:
أولها: لكل قوم تاريخها وأخبارها وتواترها:
مما يجمع عليه العقلاء أن لكل قوم أخبار يتناقلونها عبر الأزمنة وأحداث تنتقل عبر الأجيال جيل بعد جيل، فللأمريكان مثلا أخبارهم وقصصهم، ولكل دولة من دول أوروبا قصصها وتاريخها الذي قد تعتمد في كتابتها على أشخاص مجهولين وأحداث مشكوك في صحتها، فهل يصح أن يقول أحد ما الدليل على صحة هذه الأخبار دون أن يدرسها ويناقشها بعد أن يكون قد ألم بها إلمامًا واسعًا، فإذا كان كذلك مع أخبار الأمم والأقوام والتي لا يهتم عامة الناس بضبط أحداثها ودقة تفاصيلها، فما الشأن برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلى قوم عرفوا بقوة الحافظة وسعة الذاكرة ودقة الملاحظة، فإن هذه الأخبار والوقائع التي ذكرنها منها ما هو في القرآن ومنها ما هو متواتر يعلمه العامة والخاصة؛ والمتواتر هو ما نقله العدد الكثير من الناس الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب، وهو ما تناقلته الأمة المسلمة جيلاً بعد جيل وخلفًا عن سلف من أخبار معجزات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم،
وليس لأحد أن يشكك في شهادة هؤلاء الأخيار الأفاضل، أو يزعم أن هؤلاء الأفاضل إنما شهدوا لنبيهم فشهادتهم غير مقبولة، فإن هذا الزعم من شأنه أن يلغى جميع معجزات الأنبياء وجميع ما ورد عن أخبار السابقين لأنه يمكننا أن نقول أن ما ورد عن عيسي عليه السلام أو ورد عن موسي عليه السلام إنما ذكره أصحابهما والمقربون منهما، وكذلك الشأن مع بقية أخبار الأمم السابقة والمعاصرة.
ولا يزال الناس على مر العصور يعتمدون على بعضهم البعض في نقل الأخبار والأحداث ولم يقل أحد بإلغاء هذه الأخبار لأنها تعتمد على نقل أناس قد يخطئون أو يوهمون، غير أننا نقول أنه مع ذلك فإن الإسلام تميز بمنهج في نقل الأخبار ونقد الروايات فاق كل المناهج المعروفة وفاق كل النظريات المعرفية.
الوجه الثاني: منهج نقل الروايات ونقدها لدى المسلمين:
تميز المسلمون بمنهج في نقل الروايات والآثار ونقدها لا يوجد عند غيرها من الأمم، حيث يعتمد هذا المنهج على الإسناد، والمقصود بالإسناد هو تلقي الخبر من راو ينقله عمن فوقه وهكذا حتى نصل إلى أول الإسناد، وقد وضع علماء المسلمين شروطًا صارمة للقبول بصحة الخبر اعتمادًا على الإسناد، يقول الإمام عبد الله بن المبارك: (الإسناد عندي من الدين، ولولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء ولكن إذا قيل له : من حدثك ؟ بَقِيَ)، ويقول الحافظ أبا حاتم الرازي كان في مجلس فقال: (لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار نبيهم وأنساب سلفهم إلا في هذه الأمة، فقال له رجل: يا أبا حاتم، ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح، فقال أبو حاتم: علماؤهم يعرفون الصحيح والسقيم فروايتهم ذلك-أي الحديث الواهي – للمعرفة، ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها).
ومن الشروط التي وضعها العلماء للقبول بخبر ما أن يكون الراوي عدل ضبط، أي عدل فلا يكذب ولا يأتي بما يقدح في دينه وشهادته، وضبطه فلا يكون سيئ الحفظ أو كثير الخطأ، وأن يكون الراوي قد سمع هذا الخبر من شيخه الذي ينقل عنه الخبر فلا يكون بينهم انقطاع، وبهذه الشروط تميزت الأمة المسلمة بمنهج نقدي تاريخي لا يوجد مثيله لدى الأمم الأخرى لا في الماضي ولا في الحاضر يقول ابن حزم في الفِصَل في الملل والنحل: (نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال، ويخبر كل واحد منهم باسم الذي أخبره ونسبه، وكلهم معروف الحال والعين والعدالة والزمان والمكان خص الله به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها، وأبقاه عندهم غَضَّا جديدا على قديم الدهور، يدخل في طلبه إلى الآفاق البعيدة مَنْ لا يُحصِي عددَهم إلا خالقُهم، ويواظب على تقييده من كان الناقل قريبا منه.
قد تولى الله حفظه عليهم والحمد لله رب العالمين فلا تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في شئ من النقل إن وقعت لأحدهم ولا يمكن فاسقا أن يقحم كلمة موضوعة ولله تعالى الشكر، وأما مع الإرسال والإعضال – سقط في السند - فيوجد في كثير من اليهود ولكنهم لا يَقْرُبُون فيه من موسى عليه الصلاة والسلام قُربَنَا من محمد صلى الله عليه وسلم، بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرا في أزيد من ألف وخمسمائة عام ، وإنما يبلغون بالنقل إلى شمعون ونحوه، وأما النصارى فلبس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق وحده فقط، على أن مخرجه من كذاب قد صح كذبه، وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود والنصارى، وأما أقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبي أصلا ولا إلى تابع له، ولا يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولس).
ولقد مارس المسلمون المنهج النقدي ذاته في نقد الروايات التاريخية والتأكد من صحتها، ومن رجع إلى كتب العلماء الأعلام في ذلك لوجد الأدلة متضافرة على ذلك، فمن قرأ "طبقات ابن سعد" أو "البداية والنهاية" لاستطاع أن يخرج بمنهج نقدي متكامل للروايات التاريخية، أما صحيح البخاري الذي أكثرنا النقول عنه في رسالتنا تلك، فهو في القمة بين كتب المسلمين بل هو أعظم وأصح كتب المسلمين بعد القرآن الكريم يقول العلامة مصطفى صبري: (الطريقة المتبعة في الإسلام لتوثيق الأحاديث النبوية أفضل طريق وأعلاها لا تدانيها في دقتها وسموها أي طريقة علمية غريبة اتبعت في توثيق الروايات، ففي صحيح البخاري مثلا ألفان وستمائة واثنان من الأحاديث المسندة سوى المكررة انتقاها البخاري من مائة ألف حديث صحيح يحفظها وفيه قريب من ألفي راو اختارهم من نيف وثلاثين ألفا من الرواة الثقات الذين يعرفهم وكتاب البخاري البالغ أربع مجلدات كبيرة يبقى بعد حذف أسانيده على حجم مجلد واحد متوسط الحجم فهل سمعتم وسمعت الدنيا أن كتاب تاريخ في هذا الحجم يروى مافية سماعا من ألفي رجل ثقة يعرفهم المؤلف وغيره من أهل العلم بأسمائهم وأوصافهم على أن تكون كل جملة معينة من الكتاب مؤلفة من سطر أو أكثر أو أقل تقريبا سمعها فلان وهو من فلان إلى أن تصل – الإسناد والسماع – بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقام لكل سطر من سطور الكتاب تقريبا شهود من الرواة يتحملون مسؤولية روايته).
الوجه الثالث: أن هذه المعجزات والوقائع التي ذكرنا بعضها وقعت بمحضر من الخلق الكثير كتكثير الطعام يوم الخندق فإنه كان أهل الخندق رجالهم ونساؤهم ألوفا وكذلك نبع الماء من بين أصابعه وفيضان البئر بالماء يوم الحديبية وكانوا يومئذ ألفا وخمسمائة وكلهم صالحون من أهل الجنة لا يعرف فيهم من تعمد كذبة واحدة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك تكثير الماء والطعام في غزوة خيبر كانوا ألفا وخمسمائة وفي تبوك كانوا ألوفا مؤلفة وكان بعض من حضر هذه المشاهد نقل هذه الآيات قدام آخرين ممن حضرها وينقلها لأقوام فيذهب أولئك فيخبرون بها أولئك ويصدق بعضهم بعضا ويحكي هذا مثل ما حكى هذا من غير تواطىء وتشاعر وأدنى أحواله أن يقره ولا ينكر عليه روايتها ونحن نعلم بموجب العادة الفطرية التي جبل الله عليها عباده وبموجب ما كان عليه سلف الأمة من اعتقاد الصدق وتحريه واعتقادهم أن ذلك واجب ومن شدة توقيهم الكذب على نبيهم وتعظيمهم، فإذا كان الحال كذلك فما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقروا من يعلمون أنه يكذب عليه ومن أخبر عنه بما كانوا مشاهدين له وكذب عليه فقد علموا انه كذب عليه فلما اتفقوا على الإقرار على ذلك وعلى تناقله بينهم من غير إنكار أحد منهم لذلك علم قطعا أن القوم كانوا متفقين على نقل ذلك كما هم متفقون على نقل القرآن والشريعة المتواترة
قد يقول البعض أو يزعم من في قلبه مرض أن هذه المعجزات الباهرة والآيات الظاهرة التي أوردنا أمثلة منها، إنما اختص المسلمون بنقلها فما الدليل على وقوعها، والإجابة على هذه الشبهة الباطلة، من وجوه:
أولها: لكل قوم تاريخها وأخبارها وتواترها:
مما يجمع عليه العقلاء أن لكل قوم أخبار يتناقلونها عبر الأزمنة وأحداث تنتقل عبر الأجيال جيل بعد جيل، فللأمريكان مثلا أخبارهم وقصصهم، ولكل دولة من دول أوروبا قصصها وتاريخها الذي قد تعتمد في كتابتها على أشخاص مجهولين وأحداث مشكوك في صحتها، فهل يصح أن يقول أحد ما الدليل على صحة هذه الأخبار دون أن يدرسها ويناقشها بعد أن يكون قد ألم بها إلمامًا واسعًا، فإذا كان كذلك مع أخبار الأمم والأقوام والتي لا يهتم عامة الناس بضبط أحداثها ودقة تفاصيلها، فما الشأن برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلى قوم عرفوا بقوة الحافظة وسعة الذاكرة ودقة الملاحظة، فإن هذه الأخبار والوقائع التي ذكرنها منها ما هو في القرآن ومنها ما هو متواتر يعلمه العامة والخاصة؛ والمتواتر هو ما نقله العدد الكثير من الناس الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب، وهو ما تناقلته الأمة المسلمة جيلاً بعد جيل وخلفًا عن سلف من أخبار معجزات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم،
وليس لأحد أن يشكك في شهادة هؤلاء الأخيار الأفاضل، أو يزعم أن هؤلاء الأفاضل إنما شهدوا لنبيهم فشهادتهم غير مقبولة، فإن هذا الزعم من شأنه أن يلغى جميع معجزات الأنبياء وجميع ما ورد عن أخبار السابقين لأنه يمكننا أن نقول أن ما ورد عن عيسي عليه السلام أو ورد عن موسي عليه السلام إنما ذكره أصحابهما والمقربون منهما، وكذلك الشأن مع بقية أخبار الأمم السابقة والمعاصرة.
ولا يزال الناس على مر العصور يعتمدون على بعضهم البعض في نقل الأخبار والأحداث ولم يقل أحد بإلغاء هذه الأخبار لأنها تعتمد على نقل أناس قد يخطئون أو يوهمون، غير أننا نقول أنه مع ذلك فإن الإسلام تميز بمنهج في نقل الأخبار ونقد الروايات فاق كل المناهج المعروفة وفاق كل النظريات المعرفية.
الوجه الثاني: منهج نقل الروايات ونقدها لدى المسلمين:
تميز المسلمون بمنهج في نقل الروايات والآثار ونقدها لا يوجد عند غيرها من الأمم، حيث يعتمد هذا المنهج على الإسناد، والمقصود بالإسناد هو تلقي الخبر من راو ينقله عمن فوقه وهكذا حتى نصل إلى أول الإسناد، وقد وضع علماء المسلمين شروطًا صارمة للقبول بصحة الخبر اعتمادًا على الإسناد، يقول الإمام عبد الله بن المبارك: (الإسناد عندي من الدين، ولولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء ولكن إذا قيل له : من حدثك ؟ بَقِيَ)، ويقول الحافظ أبا حاتم الرازي كان في مجلس فقال: (لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار نبيهم وأنساب سلفهم إلا في هذه الأمة، فقال له رجل: يا أبا حاتم، ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح، فقال أبو حاتم: علماؤهم يعرفون الصحيح والسقيم فروايتهم ذلك-أي الحديث الواهي – للمعرفة، ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها).
ومن الشروط التي وضعها العلماء للقبول بخبر ما أن يكون الراوي عدل ضبط، أي عدل فلا يكذب ولا يأتي بما يقدح في دينه وشهادته، وضبطه فلا يكون سيئ الحفظ أو كثير الخطأ، وأن يكون الراوي قد سمع هذا الخبر من شيخه الذي ينقل عنه الخبر فلا يكون بينهم انقطاع، وبهذه الشروط تميزت الأمة المسلمة بمنهج نقدي تاريخي لا يوجد مثيله لدى الأمم الأخرى لا في الماضي ولا في الحاضر يقول ابن حزم في الفِصَل في الملل والنحل: (نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال، ويخبر كل واحد منهم باسم الذي أخبره ونسبه، وكلهم معروف الحال والعين والعدالة والزمان والمكان خص الله به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها، وأبقاه عندهم غَضَّا جديدا على قديم الدهور، يدخل في طلبه إلى الآفاق البعيدة مَنْ لا يُحصِي عددَهم إلا خالقُهم، ويواظب على تقييده من كان الناقل قريبا منه.
قد تولى الله حفظه عليهم والحمد لله رب العالمين فلا تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في شئ من النقل إن وقعت لأحدهم ولا يمكن فاسقا أن يقحم كلمة موضوعة ولله تعالى الشكر، وأما مع الإرسال والإعضال – سقط في السند - فيوجد في كثير من اليهود ولكنهم لا يَقْرُبُون فيه من موسى عليه الصلاة والسلام قُربَنَا من محمد صلى الله عليه وسلم، بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرا في أزيد من ألف وخمسمائة عام ، وإنما يبلغون بالنقل إلى شمعون ونحوه، وأما النصارى فلبس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق وحده فقط، على أن مخرجه من كذاب قد صح كذبه، وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود والنصارى، وأما أقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبي أصلا ولا إلى تابع له، ولا يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولس).
ولقد مارس المسلمون المنهج النقدي ذاته في نقد الروايات التاريخية والتأكد من صحتها، ومن رجع إلى كتب العلماء الأعلام في ذلك لوجد الأدلة متضافرة على ذلك، فمن قرأ "طبقات ابن سعد" أو "البداية والنهاية" لاستطاع أن يخرج بمنهج نقدي متكامل للروايات التاريخية، أما صحيح البخاري الذي أكثرنا النقول عنه في رسالتنا تلك، فهو في القمة بين كتب المسلمين بل هو أعظم وأصح كتب المسلمين بعد القرآن الكريم يقول العلامة مصطفى صبري: (الطريقة المتبعة في الإسلام لتوثيق الأحاديث النبوية أفضل طريق وأعلاها لا تدانيها في دقتها وسموها أي طريقة علمية غريبة اتبعت في توثيق الروايات، ففي صحيح البخاري مثلا ألفان وستمائة واثنان من الأحاديث المسندة سوى المكررة انتقاها البخاري من مائة ألف حديث صحيح يحفظها وفيه قريب من ألفي راو اختارهم من نيف وثلاثين ألفا من الرواة الثقات الذين يعرفهم وكتاب البخاري البالغ أربع مجلدات كبيرة يبقى بعد حذف أسانيده على حجم مجلد واحد متوسط الحجم فهل سمعتم وسمعت الدنيا أن كتاب تاريخ في هذا الحجم يروى مافية سماعا من ألفي رجل ثقة يعرفهم المؤلف وغيره من أهل العلم بأسمائهم وأوصافهم على أن تكون كل جملة معينة من الكتاب مؤلفة من سطر أو أكثر أو أقل تقريبا سمعها فلان وهو من فلان إلى أن تصل – الإسناد والسماع – بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقام لكل سطر من سطور الكتاب تقريبا شهود من الرواة يتحملون مسؤولية روايته).
الوجه الثالث: أن هذه المعجزات والوقائع التي ذكرنا بعضها وقعت بمحضر من الخلق الكثير كتكثير الطعام يوم الخندق فإنه كان أهل الخندق رجالهم ونساؤهم ألوفا وكذلك نبع الماء من بين أصابعه وفيضان البئر بالماء يوم الحديبية وكانوا يومئذ ألفا وخمسمائة وكلهم صالحون من أهل الجنة لا يعرف فيهم من تعمد كذبة واحدة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك تكثير الماء والطعام في غزوة خيبر كانوا ألفا وخمسمائة وفي تبوك كانوا ألوفا مؤلفة وكان بعض من حضر هذه المشاهد نقل هذه الآيات قدام آخرين ممن حضرها وينقلها لأقوام فيذهب أولئك فيخبرون بها أولئك ويصدق بعضهم بعضا ويحكي هذا مثل ما حكى هذا من غير تواطىء وتشاعر وأدنى أحواله أن يقره ولا ينكر عليه روايتها ونحن نعلم بموجب العادة الفطرية التي جبل الله عليها عباده وبموجب ما كان عليه سلف الأمة من اعتقاد الصدق وتحريه واعتقادهم أن ذلك واجب ومن شدة توقيهم الكذب على نبيهم وتعظيمهم، فإذا كان الحال كذلك فما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقروا من يعلمون أنه يكذب عليه ومن أخبر عنه بما كانوا مشاهدين له وكذب عليه فقد علموا انه كذب عليه فلما اتفقوا على الإقرار على ذلك وعلى تناقله بينهم من غير إنكار أحد منهم لذلك علم قطعا أن القوم كانوا متفقين على نقل ذلك كما هم متفقون على نقل القرآن والشريعة المتواترة
إرسال تعليق