0

منهج الشيخ ابن عثيمين في الرد على المخالفين في مسائل الاعتقاد
إعداد الدكتور علي عبد الرحمن القرعاوي
بحث محكم مقدم لندوة جهود الشيخ محمد العثيمين العلمية
ــــــــــــــــــــــــ
كانت العقيدة الإسلامية وما زالت أصل هذا الدين وأساسه, بينها الله تعالى في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وقد فهمها عنه الصحابة ومن بعدهم التابعون, حتى إذا طال بالناس زمان ظهرت فيه البدع والمحدثات وحكمت الأهواء, وبدأ التحريف والتأويل لمعاني النصوص ومدلولاتها, قيض الله تعالى لهذه الأمة ولدينها عبر عصورها علماء أجلاء, ينفون عن هذا الدين كل دخيل ويردون على المخالفين, ومن هؤلاء الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين, الذي له منهج فريد في التعامل مع المخالفين في مسائل الاعتقاد.
وقد جاءت الدراسة في تمهيد ومبحثين وخاتمة, أما التمهيد فتناول الباحث فيه ترجمة موجزة لحياة الشيخ ابن عثيمين وآثاره العلمية في الرد على المخالفين, حيث علل الباحث سبب عدم وجود تأليف مستقل للشيخ في الرد على المخالفين مخافة إبراز القول المخالف.
في المبحث الأول تناول الباحث منهج الشيخ في الرد على الفرق المخالفة من خلال النقاط التالية:

1-     معرفة الشيخ الواسعة للهذه الفرق ومقولاتها, من خلال اطلاعه الواسع على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

2-     ربط مذاهب الفرق المنحرفة والمقولات المعاصرة المخالفة لمنهج السنة والجماعة بأصولها المتقدمة.

3-     إرجاع المخالفة التي عند الفرق إلى أصل عندهم ليسهل نقضها والرد عليها كمسألة إنكار المعتزلة والأشاعرة حقيقة كلام الله تعالى.

4-     العدل مع الفرق المخالفة بذكر الحق في قولهم وأنهم خير ممن خالفهم نسبيا.

5-     حرصه على تحاشي العبارات الجارحة والألفاظ القاسية حين يكون في مجمل معتقد الفرقة المخالفة خير كثير.

6-     الرد بحسب ما يقتضيه المقام والسياق بين الإطالة والايجاز.

7-     الإشارة إلى تداخل أقوال الفرق وتأثرها ببعض.

8-     ذكره لعلامات فرق الضلال وطوائف البدع حتى يحذر الناس منهم ويحذروا طرقهم.

9-     رده على الفرق المخالفة في قولهم: إن أخبار الآحاد لا تثبت بها العقيدة.
وفي المطلب الثاني من هذا المبحث أوضح الباحث منهج الشيخ مع المخالف نفسه, من خلال التحقق والتثيت من ثبوت القول لصاحبه ومدى مخالفته للحق مع الحرص على عدم التجريم إن وجد الشيخ للقول محملا صحيحا, وبذل قصارى الجهد واستقصاء أساليب إحقاق الحق.
ثم للشيخ بعد ذلك مع المخالف منهج ومعالم واضحة: فهو عادل ومنصف مع من يخالفه يذكر محاسنه مع بيان الخطأ الذي وقع فيه, كما أنه يحسن الظن بالمخالف أحيانا مع إبطال أقواله, كما أنه لا يربط القضايا بالأشخاص مدحا أو قدحا ليتجاوز ذلك إلى المعيار الثابت وهو الحق الذي توزن به القضايا والأشخاص.
كما أن الشيخ يلتمس العذر للمخالف بإرجاع ذلك لجهل أو سوء فهم أو قصور في الإدراك ترتب عليه الخطأ, وقد تفطن أيضا لمنهج فريد في التعامل مع المخالف وهو التفري بين التقويم والرد, فلا تقويم يستدعي الموازنة بين المحاسن والمساوئ, أما الرد فينبغي أن يتمحض لذات القضية لأنه أبلغ في تجليتها, كما أنه يستهدف في ثنايا الرد مقاصد عظمى من جمع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ الفرقة والاختلاف.
في المبحث الثاني تناول الباحث لمنهج الشيخ في رد المقالة المخالفة, مبينا في المطلب الأول منهجه في عرض المقالة المخالفة, حيث ليس من دأب الشيخ –كما يقول الباحث– اعتماد منهج الرد كما سبق, بل يأتي عرضه للأقوال المخالفة ضمن أمور أهمها:
1-     أن تكون لها مناسبة فيعرض لها في موضوع الخطبة كقضايا السحر والتعصب للأشخاص, وإن لم تتحمل القضية مقام الخطبة لحاجتها إلى التفصيل عرضها في دروسه العلمية.
2-     وهناك مسائل تعرض لعامة الناس ويقعون فيها من غير فهم لمعناها فيعرضه في اللقاء المفتوح.
3-     كما أن في إجابته على الأسئلة التي تأتيه من كل بلدان العالم باب آخر من أبواب عرضه للأقوال المخالفة.
أما في المطلب الثاني من هذا المبحث فقد عرض الباحث فيه منهج الشيخ في إبطال المقالة المخالفة, والتي تستند إلى الأمور التالية:
1-     التأسيس للرد بعرض الحق والجزم به والانطلاق منه للرد.
2-     إيراده على المسألة إشكالات مما قد يعرض للطرف المخالف.
3-     اليقظة من خطورة سبق الشبهات والتعلق بها.
4-     اتخاذه منهجا واضحا في رد القضية دون مواربة ولا مساومة.
5-     إيراده شبه المخالف من غير إيغال يؤصلها ولا يؤمن معه تأثر من كان على البراءة الأصلية ثم الرد عليها.
6-     تحويل دليل المخالف دليلا عليه من غير تكلف ولا تعسف, مما لا يستطيع امخالف رفض الدليل الذي استند عليه في مخالفته.
7-     اعتماده على منهج القرآن والسنة في التكرار المتضمن تنوع العرض وشمول جوانب القضية.
8-     يتميز الشيخ بمعرفته للمصطلحات وأثرها الاعتقادي, حيث اتسمت العصور الأخيرة بكثرة الشبهات وظهور البدع العقدية بسبب ضعف المسلمين وغلبة المشركين وأهل الكتاب, وسريان الأفكار والعقائد عبر وسائل الإعلام.
وفي ختام هذه الدراسة عرض الباحث لأهم النتائج وأبرزها:
1-     ما خلفه الشيخ ثروة علمية وكنز عظيم ينتظر جهودا متنوعة لاستكمال جوانب هذه الشخصية الفذة.
2-     العالم إذا اقترب من المجتمع كان أكثر معرفة بعيوبه وأكثر تمكنا من تصحيحها وهكذا كانت شخصية الشيخ.
3-     مفهوم النصرة للحق ليس من شرطه الحدة والقسوة مع المخالف.
جزى الله تعالى الباحث على هذه الدراسة القيمة , وجعلها فاتحة خير لاستخراج كنوز علماء الأمة وأفذاذها , ونشرها بين الناس لتعم الفائدة والمنفعة .
لتحميل الدراسة انقر هنا: هنا هنا هنا

إرسال تعليق

 
Top