مخاطبة العقل واستثارة التفكر أمر نهج عليه القرآن كثيراً في تثبيت العقائد وتقريرها، فهو ينتزع الدليل العقلي الواضح ويقدمه دليلاً يخاطب به كل عاقل، ولما كان التوحيد هو أول واجب على العباد، وآخر واجب، وهو سبب دخول الجنة والنجاة من النار، كانت أدلة التوحيد من الجلاء بمكان بحيث يتسع لكل عاقل فهمها وإدراكها.
ولهذا جاءت أدلة التوحيد العقلية في القرآن الكريم من الجلاء بمكان بحيث لا يستطيع عاقل إنكارها، وهو ما سيتضح جليًا عند استعراض هذه الأدلة، وهو ما خصصنا له هذا المقال، فمن تلك الأدلة:
1- الدليل الأول:
قوله تعالى:
أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون (سورة الطور 35:52).
وهذا التقسيم المنطقي يخاطب العقل البشري
بالقول؛ إن ما ترون من خلق السموات والأرض والنجوم والمجرات وهذا الخلق
العظيم المتسع إما أن يكون خُلِقَ من عدم أي من لا شيء، أو أن هذا الكون
خَلَقَ نفسه بنفسه، ولا شك في بطلان هذين الاحتمالين، فالعدم لا يخلق،
والمخلوق لا يخلق نفسه، فلم يبق إلا الاحتمال الثالث، والذي ترك الحق
سبحانه ذكره لوضوحه وجلائه، ولكي يصل إليه الإنسان بقليل من التأمل
والتفكر، وهو أن لهذا الكون خالقًا وربًا وإلها،

مخاطبة العقل واستثارة التفكر أمر نهج عليه القرآن كثيراً في تثبيت العقائد وتقريرها

إرسال تعليق
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.