0
الحمد لله رب العالمين نحمدك اللهم ونستعين بك ونستهديك ونسترضيك ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير وأصلى وأسلم على المصطفى المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ثم أما بــــــــــعد:
فإن الله أراد السعادة للبشر ولو ترك لهم اختيار منهج ليسعدهم لعجزوا ــ بعقولهم القاصرة ـــ عن تحقيق السعادة فكان من رحمة الله بالبشرية أن أنزل لهم منهجا شاملا كاملا يحقق لهم السعادة إن هم اتبعوه فكان هذا الدين وهو الإسلام دين الله الذى ارتضاه للبشر جميعا عقيدة وشريعة ولم ولن يقبل غير الإسلام دينا من أحد من العالمين ولا من دولة تتخذ من غير الإسلام منهجا ودستورا وقد قال الله تعالى فى سورة آل عمران (إن الدين عند الله الإسلام ) وقال الله تعالى فى سورة آل عمران(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين )
وأنزل الله هذا الدين لصلاح دنيا العباد وآخرتهم كما يقول الإمام الشاطبى في الموافقات إنما شرعت الشريعة لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل.
ومن هنا نزلت الشريعة الإسلامية شاملة لجميع جوانب الحياة كلها وشاملة للزمان كله وللمكان كله وكاملة لم تترك ثغرة فى حياة الفرد ولا فى حياة الأمم إلا وعالجتها فى الدنيا والآخرة وهنا يتبادر للذهن سؤال

 ما هو حكم الشمول في الإسلام ؟فالمؤمن لابد وأن يؤمن ويعتقد بصلاحية الإسلام وأحكامه لكل زمان ومكان لأنه تشريع رب العالمين لخلقه والله رب الجميع والكل لديه سواء لا مجاملة لأحد على حساب أحد وهو تشريع مبرأ من الهوى والبشر حين يشرعون لا يخلو تشريعهم من الهوى فحين يشرع فرد للناس فالقانون لايخلوا من الهوى لأن الإنسان لا يستطيع أن يترك هواه فإذا هي الدكتاتورية والاستبداد وهو حكم الفرد وحين تشرع طبقة لسائر الطبقات فإذا هي الطبقية التي تراعى مصالحها فقط ولو على حساب الأغلبية المطحونة والأمثلة كثيرة التى عانى فيها الضعفاء من تشريعات الطبقه ومن هنا كان الإيمان بالشمول واجب لأنه من عقيدة المسلمين يقول الله فى سورة البقرة (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ومالله بغافل عما تعملون) ويقول تعالى في سورة البقرة (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)
 مجالات الشمول وأنواعه: 1ـــ شمول الزمان كله رسالة الإسلام رسالة خاتمة ورسولنا خانم الأنبياء والمرسلين ولذا فهى رسالة الزمان كله إلى يوم القيامة ولذلك قال الله فى كتابة الكريم فى سورة الأحزاب (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما) 40 الأحزاب ويقول النبى صلى الله عليه وسلم (بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعه السبابة والوسطى ) رواه مسلم عن أنس.
2ـــ شمول المــــكان يقول الله تبارك وتعالى فى سورة الشورى (لتنذر أم القرى ومن حولها ) فأم القرى هى مركز الدعوة الأول وجميع الأماكن فى الأرض هى حولهاوهكذا انطلقت الدعوة من ام القرى الى كل الدنيا حولها وقال النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الإمام احمد (ليبلغن هذا الأمر مابلغ الليل والنهار ولايترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وأهله وذلا يذل الله به الكفر وأهله ) وقال صلى الله عليه وسلم (إن الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك امتى سيبلغ مازوى لى منها )رواه مسلم عن ثوبان وقد بشر صلى الله عليه وسلم بفتح قسطنطينية ورومية وقد تم فتح الأولى ونحن على موعد مع الثانية إن شاء الله وكل هذا يدل على أن الإسلام رسالته تشمل كل الدنيا وأى مكان على ظهر الأرض.
3 ــ شمول الأفـــراد فرسالة الإسلام رسالة لكل الناس للأحمر والأبيض للرجل والمرأة للصغير والكبير للحاكم والمحكوم فالخطاب القرآنى خطاب للإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن لونه وجنسه وعرقة ولغته يقول الله تبارك وتعالى (قل ياأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا ) سورة الأعراف وقال صلى الله عليه وسلم كما جاء فى البخارى (وكان كل نبى يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) وفى آل عمران (فاستجاب لهم ربهم انى لاأضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)
4ـــ شمول الأحكام والتشريع فالإسلام لم يترك كبيرة ولا صغيرة فى أى شأن من شؤن الحياة إلا ونظمه وبمراجعة مرجعى الإسلام الرئيسيين القرءان الكريم والسنة المطهرة نجد أنهما ماتركا شيئا إلا وتناولاه تفيصلا أو إجمالا مع دعوة العلماء إلى الإجتهاد والقياس ورعاية المصالح مما يسر للفقهاء أن يقعدوا قواعد الفقه العامه والمرنه التى تستوعب كل حادثة فى أى زمان ومكان فشرع الإسلام فى العقيدة وفى العبادة وفى الأخلاق وفى السياسة وفى القضاء وفى الإقتصاد وفى الحرب وفى السلم وفى التربية وفى التعليم وفى الفن وأنشأ دولة وأقام امة

ففى العقيدة( وماأرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لاإله إلا أنا فاعبدون )21الأنبياء ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه ) سورة الأعراف وتحدث عن الجنة والنار والحساب والحشر والميزان والشفاعة والملائكة والجن والموت والقبر والساعة وأشراطها وعلاماتها والبعث والقرءان والسنة ملآى بذلك.
وفى العبادة تحدث بشمول عن العبادات وأنواعها وأحكامها من صلاة وصيام وزكاة وحج ونذر وطواف وقال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الآية: 56 سورة الذريات وفى الأخلاق يجعل الأخلاق ثمرة العقيدة السليمة والعبادة الصحيحة ويدعوا إليها بمحكم القرءان والذى لايقبل نسخا ولا تخصيصا ولا تأويلا ويدعوا سيد البشر إلى الأخلاق الفاضله ويزكيه فيها ويجعلها أزكى الأعمال في ميزان المؤمن يوم القيامة قال الله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم )الاية 4 سورة القلموقال تعالى ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )الاية 159سورة ال عمران\ ويقول صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ببيت فى أعلى الجنة لمن حسن خلقه)
وفى السياسة (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ماأنزل الله اليك )الاية 49المائدة وتحدث عن الشورى فى الحكم وبنى الدوله على خلق العدالة وأوجب على الحاكم المساواة بين الرعية فى الحكم والقضاء وفى التوزيع العادل للثروة ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) الآية:7 سورة الحشر وفى القضاء ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلما تسليما )الاية65 النساء.
وفى الإقتصاد بنى الإسلام منهجا إقتصاديا متكاملا كما بنى مناهج السياسة والأخلاق والتربية فحرم الربا وأوجب الزكاه وشرع كتابة الدين وقنن المعاملات الماليه كالشركات ونحوها ودفع إالى العمل وأوجب تنمية الثروة وحارب الفقر وقال صلى الله عليه وسلم (نعم المال الصالح للرجل الصالح) رواه أحمد وصححه الألباني وفى الحرب حدد أهدافها وشرع وسائلها وعلم أخلاقها (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)الآية: 8 سورة الإنسان.

وفى العلاقات الخارجية (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم )الآية: 8 سورة الممتحنة وفى السلم ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله )الاية61 سورة الأنفال.
 نماذج قرآنية:ساق الله فى القرءان الكريم نماذج من القصص في شمول الرسالة الإسلامية وكيف كانت النبوات شاملة لكل مظاهر الحياة وقد أمرنا الله بالاقتداء بهداهم (أولائك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )الآية: 90 سورة الأنعام فالإسلام يحارب الطغيان السياسى واستضعاف بعض الأمم والاعتداء عليها (فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة )الاية15 سورة فصلت ويحارب الإستبداد السياسى وما قصة سيدنا موسى وفرعون إلا وقوفا فى وجه الحاكم الظالم الذي أذل شعبه (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحى نساءهم إنه كان من المفسدين)الاية4سورة القصص وكان هدف رسالة سيدنا موسى إنقاذ
المستضعفين ونصرة المظلومين ( فأرسل معنا بنى إسرائيل ولا تعذبهم )الاية47 سورة طه ويحارب التحلل الأخلاقي وقصة سيدنا لوط مع قومه نموذجا ويحارب الفساد الإقتصادي وقصة سيدنا شعيب نموذجا أرأيت شمول الإسلام في هذه النماذج القرآنية
 محاذير وعقبات :العلمانية الغاشمة والصليبية الماكرة واليهودية الحاقدة اجتمعت على امتنا لتزيف وعيها وتشتت أفكارها وتجزئ دينها وتنسيها نفسها وهويتها وتضعف انتمائها لدينها وشريعتها وتوهن قواها وتضعف وحدتها وتبث فينا ما ليس في ديننا ك فصل الدين عن الدولة هذه المقولة الغريبة على ديننا وثقافتنا وعقيدتنا ويخرج من أبناء جلدتنا من يريد أن يسوق لنا هذا الباطل في وضح النهار دون حياء أو خجل.
 واجبنا نحو الشمول :أـــ الإيمان به وعدم تجزئة الإسلام وترك مقولة الجهل ــلادين فى السياسة ولا سياسة فى الدين ــ (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض )الاية85 سورة البقرة
ب ـــ الدعوة إليه فهو دين الله الكامل الشامل الذى ارتضاه للناس جميعا ولا يقبل منهم غيره (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة
ج ــــ التربية عليه فى بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا وأنديتنا وفى إعلامنا وفى مؤسساتنا بل وفى شوارعنا
د ــ العمل به ودعم العاملين به والداعين إليه ( لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون )الاية 2 /3 سورة الصف

المصدر: رياض الدعاة
   وبالله التوفيق

إرسال تعليق

 
Top