عيسات مصطفى- الرغاية
إن هذا البحث المتواضع الذي سميته على بركة الله (تسبيح الجماد بحمد رب العباد) يحاول أن يبين أن الأشياء التي تبدوللعين المجردة جامدة هامدة لهي في حقيقة الأمر متحركة، ولقد توصلت إلى هذه النتائج التي أعرضها في هذه الصفحات بعد أكثر من خمس سنوات من البحث والتحري والمشاهدة والتفحص. كما أنني استندت كلما اطلعت على ظاهرة كونية أوعلمية أومشاهدة عينية؛ على آية من آيات الذكر الحكيم أوحديث من الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة.
قال الله تعالى في سورة الأنعام:{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } (سورة الأَنعام 38)، ففي تفسير ابن كثير يقول مجاهد: أن الإنس أمة، والجن أمة، والطير أمة، وكلها خلق الله، وعلماء الاجتماع يقرون بأن أفراد الأمة الواحدة تجمعها عناصر مشتركة، قد تكون هذه العناصر دينية أوثقافية أوعادات وطقوس اجتماعية أوخلقية أولغوية، ولعل العنصرين الأخيرين أي الصفات الخلقية واللغوية أكثر العناصر وأوسعها انتشارا. فالضحك والبكاء على سبيل المثال يشترك فيهما الكثير من الأمم الإنسانية. وكذلك اللغة سواء كانت لسانية أوإشاراتية أوكتابية فإنها تعتبر عوامل مشتركة بين أمم مختلفة تماما.
الله تعالى في سورة فصلت: { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } (سورة فصلت 11).
يبين الله عز وجل أن السماوات والأرض تكلمت وعبرتا عن طاعتهما له، ودليل ذالك كلمة: "قالتا" من القول، هذا ما علمنا وآمنا به، أما ما لم نعلمه فهوكيفية القول، ونوعية التعبير عن الطاعة والإتيان. وهذا دليل على أن الجماد يقول أويتكلم.
كما قال تعالى: { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } (سورة النمل 18)، وهذا دليل آخر على أن الحيوان يتكلم وكذلك الحال بالنسبة لقصة حوار الهدهد مع سليمان، (الآيات 19 إلى 28 من سورة النمل).
ولقد ورد التسبيح في القرآن أكثر من تسعين مرة بصيغ مختلفة: (الأمر، الماضي، المضارع أوبصيغة تبيان الجلالة "سبحان الله")، كما يختلف صاحب التسبيح؛ كالإنسان أوالملائكة أوالجماد أوالحيوان كما سيأتي توضيحه.
ولقد قال تعالى سورة ص 27 {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص 27]، وجاء في سورة الأنبياء: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ } (سورة الأنبياء 16). وكثير من الآيات الأخرى التي تؤكد على جدية الخلق، وانعدام مجال الصدفة في تقديره. هكذا كانت الانطلاقة في البحث عن إحدى علاقات تبعية المخلوقات لخالقها، والكشف عن شكل وطبيعة هذه التبعية التعبدية، المتمثلة في تسبيح كل الكائنات الحية والجامدة بحمد ربها.
فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن الشيطان الرجيم، سبحانك اللهم وبحمدك ولا حول ولا قوة إلا بالله .
إذا فكرنا بمقاييس كونية، وأمعنا النظر في آيات الله الكبرى، من حيث الحجم، نلاحظ أن الفضاء الخارجي يتكون من مليارات المجرات التي تسبح فيه إلى أجل مسمى. وتتكون كل مجرة (galaxie) من مليارات النجوم ، وتظهر المجرة في مجملها في شكل أسطوانة منتفخة المركز، ويبلغ طول قطر مجرة درب التبانة التي تنتمي إليها مجموعتنا الشمسية ماءة ألف 100.000 سنة ضوئية أي ما يعادل 1 135 296 000 000 000 000 000 كلم، وسمكها خمسة آلاف(5000) سنة ضوئية، علما بأن سرعة الضوء تقدر بحوالي ثلاث مائة وستين ألف كيلومتر في الثانية. ولقد أثبت علماء الفلك أن المجرات تدور حول نفسها واتجاه دورانها معاكس لاتجاه عقارب الساعة.
|
مجرة واحدة من ملايير المجرات
السهم يعبر عن اتجاه الدوران
|
|
كواكب المجموعة الشمسية
السهم يعبر عن اتجاه الدوران
|
|
دوران القمر حول الأرض
السهم يعبر عن اتجاه الدوران
|
|
إعصار يضرب أمريكا الشمالية
السهم يعبر عن اتجاه الدوران
|
ونلاحظ من جهة أخرى أن شجرة الكرم (العنب) تنبت سيقانا في أغصانها تمكنها من شد نفسها، والجدير بالذكر أن هذه السيقان بينما تبحث عن شيئ تلتف حوله تقوم بدورات متتالية حول نفسها، ولا تتوقف عن الدوران إلا إذا وجدت ما تشد نفسها إليه، والمثير في هذا الأمر أن اتجاه دورانها يعاكس تماما اتجاه عقارب الساعة.
|
شجرة الكرم (العنب) وهي تمد سيقانها الحلزونية
السهم يعبر عن اتجاه الدوران
|
|
السهم يعبر عن اتجاه دوران العنكبوت وهي تنسج بيتها
|
إن الكثير منا يعلم أن كل ما يوجد في الكون يتكون من أحجام متناهية الصغر تسمى الذرة. ولكي تكون لدينا فكرة مبسطة عن حجمها يمكن القول: بأن رأس إبرة -على سبيل المثال- يحتوي على ستين مليار ذرة. وتتكون كل ذرة لوحدها من جزيئات أصغر منها وهي: البروتونات والنيترونات التي تشكل النواة من جهة والإلكترونات من جهة أخرى. ولقد أثبت الفيزيائيون أن البروتونات محملة بشحنة كهربائية موجبة والإلكترونات محملة بشحنة كهربائية سالبة أما النيترونات فلا شحنة لها.
إن كافة هذه الأجزاء في حركة دائمة حيث لونظرنا إلى هذه الذرة عبر المجهر لرأينا أن الإلكترونات تدور دون توقف حول النواة على عكس اتجاه عقارب الساعة.
الذرة ودوران الإلكترونات حول النواة
|
هنا نقف وقفة تأمل واستفهام عن سر هذا الدوران الموحد في اتجاهه والمتجانس في شكله ونتساءل:
هل هو مجرد صدفة، أم له مدلول روحي أبعد وأعمق مما يبديه مظهره الخارجي؟ وكيف؟
ولماذا سن هذا القانون ومن سنه ليكون كذلك؟
تلكم هي الأسئلة التي نحاول الإجابة عليها بإذن الله.
إذا جعلنا من قوله تعالى:{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (سورة آل عمران 191)؛ أساسا لتفكيرنا، وانطلقنا في بحثنا لعلمنا علم اليقين بأنه ليس للصدفة محل من الإعراب في خلق الله سبحانه وتعالى.
إذا كانت العبادات كما قررها نبي الرحمة في الأركان الخمسة مقصورة على الإنسان والجن، بدليل الآية: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (سورة الذاريات 56)؛ فإن التسبيح بحمد الله جاء بصفة التعميم ليشمل كافة المخلوقات، سواء كانت لها روح أم لم تكن، وذلك بدليل الآية: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (سورة الحديد 1)، التي وردت في القرآن الكريم ثلاث مرات على هذه الصيغة في كل من: سورة الحديد والحشر والصف. كما وردت في صيغة المضارع مرتين: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (سورة الجمعة 1) في افتتاحية سورتي التغابن والجمعة.
إن الأدلة القرآنية السابقة الذكر تبين لنا بكل وضوح أن الحيوان والجماد يسبحون بحمد الله، أما الأدلة من السنة فهي كالآتي.
يقول ابن كثير في تفسيره بخصوص " تسبح له " بمعنى تقدسه السماوات السبع ومن فيهن، -أي من المخلوقات- وتعظمه وتبجله وتكبره وتنزهه عما يقول المشركون، وتشهد له بربوبيته وألوهيته.
أما عبارة (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) فليس المراد بها لا تعرفون تسبيحهم، بل لا تفهمون تسبيحهم، لاختلاف لغاتهم عن لغاتكم أيها البشر. ومن ثم فإن عدم فقه الشيء لا يعني بالضرورة عدم معرفته، أو جهل وجوده، ومثال ذلك: كون شخص يتكلم بالانجليزية أمام شخص آخر لا يفهم هذه اللغة فيقول هذا الأخير: أنا لا أفقه هذه اللغة، ولكني أعرف أنها الانجليزية.
وجاء في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: (كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل).
وجاء في سنن النسائي عن عبد الله ابن عمرو قال نهى رسول الله عن قتل الضفادع، وقال: (نقيقها تسبيح). وقال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا ابن هليعة حدثنا زبان عن سهل بن معاذ عن ابن أنس عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه دخل على قوم وهم وقوف على دواب لهم فقال لهم: (اركبوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم، في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكرا منه).
بعد أن بينا من السنة أن الحيوان يسبح بحمد الله، سوف نحاول أن نبين أن هذا الدوران تسبيح أيضا.
جاء في صحيح مسلم، باب أركان الإسلام ودعائمه العظام، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمسة، على أن يوحد الله(1)، وإيقام الصلاة(2)، وإيتاء الزكاة(3)، وصيام رمضان(4)، والحج(5)). فقال رجل: الحج وصيام رمضان؟ قال: لا صيام رمضان والحج؛ هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نلاحظ في هذا الحديث إلحاح الراوي على الترتيب الصحيح والواجب الأخذ به رغم وجود روايات أخرى حول وضعيتي ركني الصوم والحج، ومن يسبق الآخر، إلا أني أرجح الترتيب السابق الذكر لأسباب كثيرة ليست موضوع البحث.
إن هذا الترتيب يدل على أنه لايجوز للمسلم أن يقوم بأداء الصلاة دون أن يدلي مسبقا بالشهادتين، كما أنه لا يجوز له أن يؤتي الزكاة دون أن يقيم الصلاة، أو الحج قبل الصيام. ودون الخوض في مسائل فقهية لسنا مؤهلين لها، كما أننا لسنا بصدد دراستها، نستنتج أن وضعية الركن في الترتيب تدل على درجة أهميته التعبدية، وقوة وجوب أدائه. وبذلك يكون ركن الشهادة الذي رتب في المقام الأول أكبر الأركان وأهمها، بل لا تقوم للأركان الأخرى قائمة بدونه، كما أنه أكبرها وجوبا بحيث لا يقبل فيه أي نقصان أو تنازل كما لم يمنح الله فيه أي ترخيص، وذلك ما بينته الآية: { إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (سورة النساء 48)
أما الحج فهو آخر الأركان في الترتيب، ومعنى ذلك أنه أدناها وجوبا، رغم ما فيه من مزايا وثواب، كما أنه يتمتع بدوره بكثير من التراخيص، ولعل أهمها: أنه كلما ورد ذكر الحج إلا وأتبعته عبارة: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } (سورة آل عمران 97)، ومفاد ذلك أن أداءه مقترن بتوفر الاستطاعة الجسدية (الصحية) والمالية، ويمكن أن نزيده -نظرا لحال الأمة اليوم- شرط الحالة الأمنية. ولقد أصدر علمائنا الميامين فتوى جواز حج شخص لحساب آخر حتى ولو كان ميتا.
|
البيت العتيق وطواف الحجاج حول الكعبة الشريفة
السهم يعبر عن اتجاه الطواف
|
إننا نعلم بأن الطواف من أهم المناسك، وهو في حد ذاته صلاة، كما ورد في الحديث الذي أخرجه الترمذي في السنن، كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الكلام في الطواف. قال حدثنا قتيبة قال حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطواف حول الكعبة مثل الصلاة؛ إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير).
اعتمادا على المقاييس العقلية وارتكازا على الأسس الإيمانية نستنتج أن هذا الدوران المتجانس لكل هذه المخلوقات بدءا بأكبرها في علمنا وهي المجرة، وانتهاءها إلى أصغرها وهي الذرة، ومرورا بالمجموعة الشمسية والكواكب والأقمار والأعاصير وسيقان الكرم.. وكلها تدور بنفس طريقة الحاج وهو يطوف بالكعبة الشريفة، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون نتيجة الصدفة؛ لأن الذي قال في الآية: { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } (سورة الأَنعام 59) لا يسمح بأن تتدخل الصدف في تسيير الكون، كما أن عظمة ومغزى هذا الدوران أجل وأقدس من أن تخضع للصدف، بل نجزم بأنه لو كان كذلك لدارت الأرض يسارا والمريخ يمينا والشمس شمالا والقمر جنوبا كل حسب هوى صدفته، ولو كان كذلك لفسدت السماوات والأرض وكل ما زحف أوطار أو دب فيهن. كما نؤمن كل الإيمان بأن مصدر الأمر واحد لا ثاني له، وهو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء له الأمر كله. كما نعتقد أن الله تبارك وتعالى عندما فرض التسبيح على كافة المخلقات إنما اختار للجماد صورة أسمى وأنبل وأقدس حركة تعبدية يقوم بها الإنسان باعتباره خليفة الله في الأرض لما في هذه الحركة من تتويج لأداء الفرائض الواجبة على المسلم: { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (سورة آل عمران 191).
فسبحان القائل: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } (سورة فصلت 53)
اللهم تقبل هذا العمل خالصا لوجهك الكريم، واجعله لبنة في بناء الصرح الفكري والحضاري للأمة الإسلامية، وثبته في ميزان حسناتي القليلات.
وألتمس من القارئ أن يتكرم علي بصالح الدعاء.
والحمد لله رب العلمين.
إرسال تعليق
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.